حمامات الدم التي فتحتها الألغام في اليمن على مصرعيها واستباحة دماء الأبرياء من نساء وأطفال على سبيل المثال لا الحصر، وأقعدت أرباب أسر عن كسب قوتهم ورمت بالعديد من أبناء اليمن في زوايا العجز والحاجة وفتحت قبورا كثيرة ورملت نساء وأسالت دموع سخية حارة للمظلومين من جور علب الموت.. لم تنجح بعد كل هذا الصنيع البشع في كسر عزائم وكبرياء رجال آمنوا بحرية وطنهم وقدموا أنفسهم قربانا لعدالة قضيته وحق الناس في بلادهم في العيش الآمن والكريم بعيدا عن المهاترات السياسية والمكائد الدموية.
ولعل من هؤلاء الأشخاص الذين فدوا اليمن بأنفسهم، المواطن اليمني محمد علي الحبيشي، الذي قدم في ساحات القتال من أجل قضية وطنه العادلة تضحيات جسام وحارب من أجله، حتى نال منه لغم وأقعده في زوايا العجز، لكن هذا اللغم الغادر لم يزعزع أبدا قناعته الراسخة بحق وطنه بالأمن.
لذلك لم يتوقف محمد علي الحبيشي لحظة عن الدعوة لمواصلة مشوار النضال وقهر الألغام في مهدها، حتى يعود اليمن آمنا حرا معافا من فخاخ الموت المتفجر، حيث قال “الألغام مشروع موت غادر، ونحن أبناء اليمن الأحرار نؤمن بأن وطننا وجد ليكون حرا آمنا والمطامع والألغام، كلها زائلة في وجه صمودنا وإصرارنا على استرجاع اليمن لعافيته وأمنه، فغدر لغم بي في ساحة الدفاع عن وطني ليس بالنسبة لي مصيبة، وإنما وسام شرف أعتز به، فصحيح أني فقدت أحد قدمي وأنا أب لثمانية ذكور وخمس إناث لكنني فخور بما قدمت وأدعو إلى مواصلة درب الكفاح ليعود اليمن حرا شامخا وآمنا”.
وقد أضاف الحبيشي قائلا “أنا أقدر كثيرا وقفة مشروع مسام مع اليمن واليمنيين في محنتهم مع الألغام وأشكرهم كثيرا على دعهم المعنوي والمادي لي، فمسام لم يتأخر يوما عن اليمنيين وبذل بدوره تضحيات جليلة وعمل على تطبيب جراحات اليمنيين الغائرة، وقد فاضت إنسانية هذا المشروع على أهل اليمن، حيث لم يكتف بنزع الألغام وتقديم الشهداء في سبيل ذلك، وتوعية الناس بمخاطر فخاخ الموت المتفجر من خلال تنظيم حملات توعوية، بل قدم كذلك المساعدات لكثر ممن نالت منهم الألغام من خلال مبالغ مادية تشد عضدهم في محنتهم، وأطراف اصطناعية أعانت كثيرين على استرجاع نبض حياتهم، وها هو اليوم يقدم لي أنا بدوري الدعم من خلال مساعدتي في محنتي، فكل الشكر والتقدير لهذا المشروع الإنساني الجليل والقائمين عليه والعاملين فيه، بوجود مثل هذا المشروع النبيل في اليمن نهاية الألغام مسالة وقت لا غير”.