الأخبار
خبر مقتل مدني وإصابة آخر بانفجار لغم أرضي، من مخلفات ميليشيات في مديرية المتون بمحافظة الجوف شمالي شرق البلاد مؤخرا، حادثة من آلاف الحوادث التي سمع عنها ومازال يسمع اليمنيون، فالمسلسل الدموي مستمع والجرار الغائرة تفتح كل يوم في مكان.
الفرق بين هذه الوقائع يتمثل في عدد المصابين والضحايا وموقع المأساة فقط، لكن السيناريو المهلك واحد، فلغم أو عبوة ناسفة يتكفلان على حين غرة بإنهاء حياة البعض وتمزيق أجساد البعض الآخر دون أي ذنب اقترفوه ولا جريرة ارتكبوها.
تماما كما حدث مؤخرا مع ضحيتا اللغم الأرضي بمحافظ الجوف، حيث قالت مصادر محلية إن المواطن محمد السراجي قتل، فيما أصيب المواطن أحمد أبو علي نتيجة انفجار لغم أرضي بسيارة تقلهم في مديرية المتون.
فالمليشيات لا ولم تدخر جهدا في زراعة الألغام والعبوات الناسفة في الأماكن العامة والطرقات، والمناطق عالية التأثير كالمدارس ومداخل الأحياء وعلى تخوم البيوت وفي المنازل وفي المزارع وغيرها من الأماكن التي يرتادها الناس باستمرار لارتباطها بخدمات حيوية متعلقة بمعيشهم اليومي.
ولعل عشوائية زراعة الألغام وتعمد تواجدها في المناطق عالية التأثير جعلها تحصد آلاف الضحايا من المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال، حيث تتربص فخاخ الموت بالأطفال أثناء مرحهم وتستغل عفويتهم، وتطبق الخناق على رعاة المواشي والمترجلين وتنال حتى من الركاب في سياراتهم.
فكل من يلامس فخاخ الموت تلك، مستهدف مهما كان عمره وجنسه ونوعه، فحتى المواشي والإبل وغيرها، نالت حصتها ولازالت من أذية هذه الفخاخ القاتلة، التي تمعن في اسالة الدماء ونشر الرعب بين الناس، حيث لم يسلم الناس من أذية هذه الألغام حتى لما فروا لمناطق النزوح أملا في شيء من الأمن والاستقرار، فحصدت منهم من حصدت ومازالت تهدد من تبقى في قوته ونفسه وذويه.
فاليمنيون اليوم يحومون في حقول من ألغام مفتوحة يحسون بخطورتها لكنهم يجهلون أين يمكن أن تكون، ويرون أمام أعينهم صنيعها بمن فتكت بهم ممن قطعت أطرافهم وتركتهم أسرى العجز، ويأملون الخلاص من شرها واستعادة حياتهم.
ورغم كل ما حل ويحل بهم لا يغادرهم الأمل اليوم البتة، وهو يرون على الأرض مشروع مسام وهو يتنقل بين مناطق البلاد يمسح الكثير منها وينزع آلاف الألغام ويتلفها، لينتقل لأخرى مقدما مثالا يحتذى به في التضحية والعطاء الإنساني.
فهؤلاء الناس العزل البائسون مازال عدد كبير منهم ينتظر الصبر متى يحل موعد حضور الأياد البيضاء لمسام في هذه المنطقة أو تلك التي يقطنها حتى تحرر بدورها من قيد الألغام وتعود للحياة.
فكل منطقة يدخلها مسام تتنفس مجددا وتستعيد نبضها ويسترجع أهلها إحساسا عميقا بالأمان افتقدوه طويلا، فالكل يربط على كتف مسام يدعوه إلى المضي قدما في مشواره الإنساني الفذ.