الأخبار

يمن الربع الأول من القرن الحادي والعشرين نال وعن جدارة لقب البلد المكلوم، حيث انتزع منه الانقلاب الحوثي سلامه وأمنه ووصمه بأكبر مأساة إنسانية، إذ لم تكتف ميليشيات الحوثي بالقتل والتدمير والتهجير بل أضافت إليها فصلا لطالما كان بمثابة الحرب الموازية التي تدور رحاها في صمت بطلته الألغام.. ذاك العدو القابع في المسالك والدروب يقتنص المدنيين الأبرياء بشكل يومي، إذ لا تفتأ ميليشيا الحوثي تزرع الألغام في كل مكان غير مكترثة بمعاناة شعب ضيقوا عليه الخناق حتى باتت أناته تسمع في كل درب.
هذه الجماعة الانقلابية تفننت في زرع الخراب والموت أينما حلت، فقد توصل تقرير لمركز البحوث البريطاني “Conflict Armament Research” إلى أدلة تشير إلى حصول الحوثيين على كميات جديدة من الألغام من إيران، إضافة إلى معدات تساعدهم على تصنيع الألغام محليا داخل اليمن.
كما بين التقرير استخدام هذه الميليشيات للعبوات الناسفة والألغام الأرضية المصنعة محليا بأدوات إيرانية على نطاق واسع، وزادت كثافتها مع تراجع الميليشيات أمام تقدم قوات الجيش اليمني. ووثق التقرير هذه الممارسات استنادا إلى مواد متفجرة وقع العثور عليها على طول الساحل الغربي تجاه ميناء الحديدة في البحر الأحمر.
هذا وأوضح التقرير أن الألغام الأرضية الحوثية تحمل مواصفات تشير أنه جرى تصنيعها في خط إنتاج على ملك الحوثيين بمكونات إيرانية المنشأ وغالبيتها تحمل أرقاما متسلسلة ما يؤكد ضخامة الإنتاجية واحترافيتها.
وتتفنن الميليشيات الحوثية في زراعة الألغام، فمنها ما يتخذ شكل صخور وأخرى شكل كتل رملية، وذلك حسب المكان الذي تطمر فيه.
ولم تسلم أشجار النخيل من هذه الآفة حيث دس هؤلاء المتمردون ألغاما داخلها وذلك في مناطق قريبة من مديرية الحالي.
ويتعمد الحوثيون زراعة الألغام والعبوات الناسفة بطرق مختلفة وعشوائية لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا حيث يمكن إيجادها على طول الطرقات وفي المزارع والمنازل.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أصدرت هي الأخرى تقريرا كشفت فيه مدى بشاعة الإجرام الحوثي الموغل في الوحشية الذي يسعى فقط لإراقة دماء اليمنيين وقتلهم بطريقة بطيئة حيث أقدمت الميليشيات على زراعة الألغام على طول الساحل الغربي لليمن مما أسفر عن قتل وإصابة المئات من المدنيين علاوة على منع منظمات الإغاثة من الوصول إلى التجمعات المحتاجة وهو ما فاقم المشاكل الإنسانية فبات اليمن ساحة مفتوحة على الموت.
لكن ما ترتكبه هذه الفئة الإنقلابية من جرائم لم يثن مشروع مسام من المضي قدما لتخليص اليمن من إرهاب الألغام التي تعبث بالسكان بإحالة بعضهم إلى المقابر والبعض الآخر إلى الإعاقة، إذ تمكن المشروع خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل من نزع 2321 لغم.
رحلة الموت التي يخوضها خبراء المشروع يوميا لتأمين حياة اليمنيين كلفت بعضهم حياته، فقد لقي 7من خبراء مسام حتفهم عقب انفجار هز مخزنا لتجميع القذائف والألغام، وقد عبر مدير عام المشروع أسامة القصيبي عن شديد أسفه وحزنه عن فقدان هؤلاء البواسل الذين مثلوا خسارة كبيرة للمشروع بشكل خاص ولليمن بشكل عام، مؤكدا على مواصلة عملهم ومضاعفة جهودهم لتحقيق هدفهم في خلق حياة آمنة لليمنيين.
وكان القصيبي قد تحول إلى مديرية المخا لمعاينة موقع الإنفجار الذي خلف 7 قتلى و4 مصابين وكذلك لفتح تحقيق في الغرض للكشف عن ملابسات الحادث، إضافة إلى تفقد عمل بقية الفرق الهندسية في الساحل الغربي والإطلاع على مستوى الإنجاز والصعوبات التي تواجهها.
وثمن القصيبي الجهود الكبيرة التي تبذلها الفرق الهندسية في مديريات الساحل الغربي مشيدا بمستوى الإنجاز الذي حققوه إذ تمكنت فرق مسام في مضيق باب المندب من نزع 3000 لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة خلال الأسابيع الماضية.
إن الموت الكامن في جوف الأرض الذي يهدد أمن اليمنيين والخبراء على حد السواء لم يضعف من إيمان القائمين والعاملين في مشروع مسام بمهمتهم الإنسانية رغم استشهاد 19 فردا من طاقمهم العامل في اليمن، بل زادهم ذلك إصرارا وتشبثا بتحرير هذا البلد من خطر الألغام بشكل كامل.