نحن الجثث الهامدة لأرواح غابرة، نحن الكلمات المكتومة التي تتنقل ويتردد صداها بين المدن الخالية، نحن الابتسامة الحزينة، نحن ذروة الإحساس وقمة السكوت، نحن الصبر الذي لا يستوعبه عقل، نحن الأجساد التي تسير مشلولة الأطراف مغبرة الوجه، عمياء، خرساء، نحن الموتى الذين يتدثرون بتربة وطنهم هربا من قسوة الغزاة، نحن الوطن الذي سلب ونهب وأحتل.
نحن اليمن الذي يئن ويتوجع، نحن التاريخ والحضارة التي تسعى قوى الشر لوأدها.
لا شيء ينمو في اليمن عدا الألم حتى بات لا مكان فيه إلا للوجع والمعاناة بعد أن غزته جماعة الحوثي الإرهابية التي تخفت تحت عباءة الدفاع عن أهداف الثورة اليمنية لتنقض فيما بعد عليها وتنهشها وتبدد أحلام أبناء هذا البلد.
هذه الجماعة، مثل غيرها من العصابات الإرهابية المعاصرة الموشحة بالدين، لا تمتلك برنامجا سياسيا وأهدافا واضحة المعالم ولكنها تسترشد بمؤلفات وخطب وأحاديث وفتاوي أئمتها وقادتها الروحيين في حربها على الدولة والمجتمع لتفرض واقعا مريرا عليهم.
وقد كان للألغام باع كبير في إنجاز ما تصبو إليه هذه الميليشيات من دمار وخراب. لذلك تعمدت زراعتها داخل المنازل ووسط خطوط السير في القرى والجبال والمزارع، ولم تسلم حتى المدارس والمستشفيات والصحراء سعيا لاستهداف المدنيين.
وبعيدا عن تسببها في وقوع خسائر في صفوف المدنيين والجيش، هذه الاستراتيجية جعلت العودة إلى الحياة الطبيعية أمرا بالغ الصعوبة في المناطق التي تحررت من سيطرة الحوثيين.
كما ستكون عملية إعادة الإعمار وبناء البنية التحتية الأساسية التي دمرتها آلة الخراب الحوثية أكثر صعوبة بكثير وأبطأ وأكثر إيلاما.
لقد وزع ذاك الفصيل الإجرامي ألغامه على كامل الرقعة الجغرافية اليمنية ليحولها إل براكين قابلة للانفجار في أية لحظة، حملت ومازالت ستحمل معها كوارث ومآس إنسانية طالت الأبرياء في طول اليمن وعرضه مخلفة عاهات وإعاقات دائمة لخيرة شباب وأطفال البلاد.
وبين أيادي تنشر الموت والإحباط وأخرى تنشر الحياة والأمل بون شاسع. فالإنسان إن فقد الشق المتفائل من روحه فهو يسير لا محالة مهرولا نحو خط النهاية الذي لا يعني بالضرورة الموت بمعناه المعروف.
فمشروع مسام يسعى بكل جهده إلى زرع الأمل والحياة من جديد من خلال البحث عن سبل قادرة على اختراق وكسر الجدران مهما كانت صلبة وباسقة لتحقيق تطلعات الشعب اليمني الطامح إلى التخلص من الإرث الحوثي القاتل واستعادة حياته المسلوبة.
أيادي فرق مسام صنعت المستحيل لتذود عن اليمن أرضا وشعبا، حيث تمكنت من إنقاذ حياة الآلاف من خلال إزالتها لما يربو عن 260 ألف لغم وذخيرة غير منفجر وعبوة ناسفة.
كما نفذ المشروع مؤخرا عملية إتلاف وتفجير لـ2431 لغما وقطعة منوعة في مديرية باب المندب، وهي العملية رقم 62 لفرق مسام في الساحل الغربي وعدد 113 في اليمن.
فرق مسام الهندسية لا تدخر جهدا لإزاحة هذا العبء عن اليمنيين. كيف لا؟ وهي تعلم أن كل لحظة تمر سيدفع أحد أبناء هذا البلد ثمن وجود هذه الآفة. لذلك يعمل المشروع بشكل مستمر لتأمين حياة المواطنين من خطر الألغام وتمكينهم من العودة إلى قراهم ومزارعهم سالمين.