الأخبار
رغم جذور اليمن الضاربة في أعماق التاريخ باعتباره حلقة الوصل بين الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، ورغم أن حضارته تعتبر من أقدم الحضارات على وجه الأرض فإن ذلك كله لم يشفع له ليحافظ على أمنه واستقراره وازدهاره.
فمنذ ظهور جماعة الحوثي، واليمن يتخبط وسط مشاكل لا حصر لها تتقاذفه الأزمات والحوادث. إذ لم يعد خفيا على أحد الوضع الذي آل إليه اليمن، حيث عصف به الانقلاب الحوثي ورماه إلى المجهول بعد أن قتل ودمر وشرد أبناءه وفخخ أراضيهم بألغام متنوعة مما زاد في حجم الكارثة.
فالميليشيات الحوثية جعلت الأراضي اليمنية تشهد أكبر عملية زرع ألغام في العالم، إذ تشير تقارير رسمية يمنية إلى أنه تم زراعة أكثر من 1.5 مليون لغم فردي ومضاد للدروع في مختلف مناطق البلاد، وهو ما وصفه مراقبون بـ”أكبر عملية تفخيخ للأرض منذ الحرب العالمية الثانية”.
كما أكدت تقارير منظمات الرصد وحقوق الإنسان في اليمن أن هناك مئات الآلاف من النازحين الذين يريدون العودة إلى منازلهم ولكنهم لا يستطيعون بسبب الألغام المنتشرة بكثافة وبصورة عشوائية ودون خرائط واضحة.
هذا وأمعنت الميليشيات الحوثية في إجرامها، فأقدمت على نسف منازل المدنيين. وهي جرائم تتطابق مع أساليب تنظيمي داعش والقاعدة. وكان وزير الإعلام بالحكومة اليمنية، معمر الإرياني، قد قال إن قيام ميليشيا الحوثي بتفجير 3 منازل للأهالي بالبيضاء على طريقة تنظيمي القاعدة وداعش في نسف المنازل والمصالح الحكومية تأكيد جديد على الإجرام وواحدية الأساليب والطرق والمناهج التي تنهل منها هذه التنظيمات الإرهابية. فنسف المنازل يمثل انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي ويرقى لمرتبة جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
منذ انقلابها على السلطة أواخر 2014، استخدم المتمردون عمليات تفجير المنازل في كافة حروبها من دماج بصعدة مرورا بعمران وصنعاء وإب وخصوصا المناطق المملوكة لشيوخ القبائل التي وقفت بجانب الدولة ضد الانقلابين.
وكشفت اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أنها تحققت من 20 واقعة تفجير لمنازل خلال عام، انفردت ميليشيات الحوثي الإرهابية بها جميعا.
ووسط هذا العبث الحوثي بحياة الناس وأراضيهم، تواصل الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام حملتها الواسعة لإزالة هذا الخطر المحدق المهدد لأرواح الملايين من اليمنيين.
فهناك 32 فريقا هندسيا يعمل ميدانيا لنزع تلك العلب القاتلة منها 16 فريقا في محافظات مأرب والجوف وصنعاء والبيضاء وشبوة، مقابل 16 فريقا يعملون في عدن ولحج وتعز وفي الساحل الغربي ابتداء من باب المندب وانتهاء بأقرب نقطة للحديدة.
وتبذل هذه الفرق جهودا متواصلة ومضنية لنزع وتفكيك حقول وشبكات الألغام والمتفجرات التي زرعتها جماعة الحوثي في عدد واسع من المناطق والبلدات والقرى المحررة.
يوميا تتضاعف خسائر اليمنيين، إذ يدفع المدنيون الثمن غاليا من قوتهم وأجسادهم نتيجة الانتشار الكبير للألغام برا وبحرا والتي حرمت المزارعين والصيادين على حد السواء من ممارسة أعمالهم. الأمر الذي عكر حياة الناس هناك ودفع باليمن إلى شفى جرف لا يمكن العودة منه إذا ما ازداد الوضع سوءا.