الأخبار
تعددت الجرائم والضحية واحدة، الآلاف من المدنيين صاروا ضحايا لإرهاب ميليشيات تعشق إراقة الدماء. حيث تفننت في ابتكار طرق تنغص بها حياة اليمنيين وتذيقهم الويلات. إذ لم يكن القصف وحده سببا في قتل المواطنين وتعكير صفو حياتهم بل كان للألغام الدور الأكثر إيلاما وتصيدا للناس في الطرقات والمزارع والشوارع.
فمنذ أن اجتاحت جماعة الحوثي صنعاء وسيطرت عقبها على معظم محافظات الشمال اليمني وزحفت نحو المحافظات الجنوبية من البلاد، دأبت على زراعة الألغام بكثافة عالية جدا في جميع المناطق التي وطأتها أقدامها. فباتت مناطق واسعة في اليمن منكوبة تندرج ضمن التصنيف مناطق عالية التأثير باعتبارها مناطق سكنية.
وبحسب تقييمات البرنامج الوطني لنزع الألغام في اليمن، فإن أكثر المناطق المتأثرة بالألغام هي مناطق الساحل الغربي ومحافظات تعز وعدن وأبين والجوف ومأرب وشبوة وحجة ومحافظة الضالع.
وتشير التقديرات إلى أن الحوثيين زرعوا أكثر من مليون لغم، لكن من المتوقع أن يكون عددها أكثر من ذلك بكثير.
وقد تعددت أشكالها وأحجامها وأنواعها فمنها الألغام المضادة للآليات والألغام المضادة للأفراد المحرمة بحكم أن اليمن هي الدولة رقم 34 المصادقة على اتفاقية “أوتاوا” والتي بموجبها تم تجريم زراعة الألغام واستخدامها وخزنها ونقلها وصناعتها.
وفي ظل الخطر الذي تشكله هذه الآفة على امتداد مئات الكيلومترات في البلاد، تحولت حوادث القتل والإصابة إلى أخبار متكررة خاصة وأن جبهات القتال تتحرك وتتغير وتتوسع باستمرار ما يعني وجود مساحات شاسعة ملوثة بالألغام ومخلفات الحرب غير المنفجرة الأمر الذي يمثل خطرا حقيقيا يهدد حياة ملايين اليمنيين.
رغم ذلك تواصل ميليشيات الحوثي سياسة الأرض المحروقة غير عابئة بالكارثة التي أنزلتها على هذا البلد وسكانه.
أرقام تؤشر إلى حدوث كارثة إنسانية كبيرة تستهدف الإنسان اليمني بشكل مباشر. لذلك نرى مشروع مسام يعمل بخطوات حثيثة على إماطة الأذى عن مواطني هذا البلد الذي عبثت به أيادي الشر. فرفع شعار “حياة بلا ألغام” للدلالة على حق الإنسان اليمني في حياة آمنة وعيش كريم. هذا العمل الإنساني لامس وجدان المواطن اليمني نظرا لما يبذله من جهد لتخليص اليمن من الموت الكامن تحت ترابه والتصدي للتهديدات المباشرة لحياة شعبه وتعزيز الأمن في مختلف المناطق عدا عن مساعدة اليمنيين في معالجة المآسي الإنسانية الناجمة عن انتشار هذه الآفة.
نجاح هذا المشروع كان من خلال التحرك السريع استجابة للحالات الطارئة وتطهير المنطقة من الألغام وتدريب وتجهيز الفرق المحلية اليمنية والتطهير الشامل لمناطق اليمن بما يتماشى مع المعايير الدولية في إزالة الألغام. وقد تمكن المشروع من إزالة 175124 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة وذلك منذ انطلاق عمله في 2018 ولغاية التاسع من يوليو الجاري إضافة إلى تطهير إلى أكثر من 12 ليون متر مربع من الأراضي اليمنية.
وكان الفريق 30 مسام الخاص بجمع وإتلاف القذائف قد نفذ مؤخرا عملية إتلاف لـ24 لغم أرضي مضاد للدروع تم انتشالها من مديرية ذباب من طرف الفريق 19.
لم تسلم أي منطقة وطأتها أقدام الحوثيين من بذور الحقد التي أزهقت مئات الأرواح حيث عملت جاهدة على التلاعب بحياة الناس. لذلك وإيمانا بحق الإنسان اليمني في العيش بأمان، يواصل مشروع مسام مهمته الإنسانية للعام الثالث على التوالي بثبات لتأمين حياة الأبرياء وإبعاد شبح الموت عنهم.