يكفي أن ترى وجوه اليمنيين الذين عادوا بعد عناء إلى مساكنهم وأحيائهم وقراهم المحررة من الألغام على يد فرق مشروع مسام، وأن تراقب تهلل وجوه الأطفال باسترجاع مدارسهم التي كانت مسوطنات لفخاخ الموت المتفجر ومناطق لهوهم التي تحررت أخيرا من قيود علب الموت… وأن تشاهد لمعة الفرح في عيني مزارع أو راع إستعاد حقله بعد إطلاق صراحه من قبضة الألغام، وأن ترى الأغنام وهي ترتع في البراري منتشية بحرية إفتقدتها منذ مدة مع رعاتها ، بسبب وباء الألغام الذي نال من البلاد والعباد في اليمن.
فيكفي أن تجمع صور من كل هذه الملامح الوضاءة، لتدرك حقا مقدار العطاء الكبير والتضحيات الجسام والجهود الجليلة التي بذلها مشروع مسام ومازال، من أجل الحياة في اليمن.
فتلك البيوت التي كانت تئن من الوحدة وتمزقها الذكريات ويسكنها الصمت والموت الكامن الغادر، عادت لها بهجتها وهجرها السكون القاتل والخوف المهلك، وباتت تتشح بأصوات أهلها وحركاتهم وضحكاتهم ونوادرهم وقصص أيامهم.
أما تلك المدارس التي كانت بالأمس قفارا يقف على شبابيكها الموصدة بعض طيور الحمام المنشدة للحياة دون مجيب، والتي كان صدى صوتها يخبرها أن أهل تلك الصفوف غادروها دون رجعة بسبب أشباح الموت التى تجوب المكان.. باتت اليوم مسكونة بحركات الأطفال ومرحهم وأحلامهم وتوقهم لغد أفضل وسعيهم لتحصيل العلم والمعرفة، وأصوات إنشادهم للحياة والأمل والنجاح باتت تقهر أطلال الذكريات المرة التى عرفتها هذه الفضاءات التربوية.
أما في تلك التلة المخضرة، فيطلق اليوم راع مواشيهم لتقتات من الكلأ والماء وتستنشق نسائم الحياة والهدوء والأمن.. هناك يقف متأملا هذا المشهد الذي يعني له الحياة والبقاء والذي لطالما رثاه بدموع الحسرة حينما كانت الألغام تستوطن هذا المرعى بالأمس القريب وتفتك بالمواشي والرعاة على حد سواء.. أما اليوم فالمشهد تغير تماما بفضل جهود فرق مسام الخيرة، وعاد للمرعى أهله و للمكان نبضه وللحياة طعمها العذب.
وأما تلك البئر التي شهدت حوادث أليمة ارتبطت بالموت الغادر الملغوم والعجز بسبب ألغام كامنة، فقد عادت لطبعها المعطاء الخير وإستعادت طبيعتها الحيوية الممتلأة بالحياة، وعاد الناس والأنعام للإرتواء منها، ولم تعد قاتلة كما أرادت لها ألغام الغدر.. فكل شي في المناطق المحررة من الألغام وبسبب جهود فرق مسام، عاد لرشده وصوابه وطبيعته و بات الأمن قانون المكان ، بعد أن هزمت أسرة مسام في تلك الربوع قانون الغاب الذي أرادت فرضة الألغام.