الأخبار

مليونا لغم وأكثر من مليون عبوة ناسفة وألغام فردية ، أراد من خلالها الحوثيون أن يعلقوا مشنقة الشعب اليمني وأن يسلبوه سكينة الحياة ومعاني الأمان، وأن يزجوا به في خنادق الفزع والرعب الذي نشد العدو من خلاله أن يحيل حياة ضحاياه العزل الأبرياء من المدنيين، إلى معاناة معتّقة المرارة، لكن اليقظة السعودية والحس الإنساني لملك الحزم والأمان فيها، سرعان ما أوجد مضادا لداء الألغام قبل أن يتحول هذا الموت المدسوس في الثرى والمتواري بالصخور والمموه بالوفاء الكاذب لبيئته الأم إلى وباء يدمر اليمن عن بكرة أبيه.
ومقابل مليونا لغم غادر، وضعت المملكة العربية السعودية 40 مليون دولار، لإطلاق مشروع متماسك وهادف وفعال لنزع الألغام، إنه مشروع “مسام” لنزع الألغام باليمن، في استجابة لنداء إنساني مُلح لم يكن للسعودية أن تتأخر ولو لوهلة على تلبيته على الوجه القويم، وهو سلوك غير مستغرب من سعودية العروبة والأصالة و”الفزعة” خاصة لأبناء جلدتها وأشقائها.
فالنداء الإنساني كان قويا ومؤثرا في أوساط المملكة وموروثها الأخلاقي والقيمي لم يكن إلا ليحثها أكثر على المثابرة في رد الظلم والعدوان عن إخوانها في اليمن، فكانت الاستجابة سريعة وفعالة، في إطار خطة خماسية المحاور، أخذت من خلالها على عاتقها “مسام” رهان تحرير اليمن من قبضة الألغام الخانقة المهلكة.
واليوم يمضي فريق “مسام” ذو الخبرات العالية في مجال نزع الألغام في ماراثون ليس فقط تخليص اليمن من تركة الألغام الثقيلة المهلكة التي تركها الحوثيون وراءهم بعد اضطراراهم لترك مواقع على الأرض سلبتها إياها القوات اليمنية بإسناد من قوى التحالف العربي البواسل، بل أيضا تمكين اليمنين من اكتساب خبرات عالية وتجربة ناضجة وواعدة في التعامل مع أي تهديدات بالألغام في أي شبر من أراضيها المحررة مستقبلا.
واليوم سيكتب التاريخ قصة يمنية جديدة ليس بلون الدم والخراب كما أرادها الحوثيون ومخططاتهم المارقة عن كل المواثيق والبنود القانونية والإنسانية، وإنما بلون الأمل وعذوبة الحياة كما أرادها أهل “الفزعة” والكرامة والعزة.