رغم أن المهمة الأساسية والحصرية لمشروع مسام في اليمن تتمثل في نزع وإتلاف الألغام المتربصة بحياة الأبرياء، فقد نجح هذا المشروع في هذا الجانب إلى أبعد الحدود، حيث قام بنزع وإتلاف 426 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وتطهير 53 مليون متراً مربعاً من الأراضي اليمنية منذ إطلاقه في يونيو 2018 حتى اليوم، إلا أن هذا المشروع لا يدخر جهدا أيضاً في طرق أبواب أخرى تساهم في إنجاح مهمته النبيلة في اليمن، وذلك من خلال المشاركة في معارض وفعاليات محلية ودولية، لدعوة العالم الإنساني للإطلاع على جرائم الألغام في اليمن والانضمام إلى ركبه، ولإيصال اليمن إلى ضفاف الأمان من الألغام في وقت قياسي.
وفي هذا السياق أقام مشروع مسام لنزع الألغام في اليمن، بالشراكة مع مركز حماية لحقوق الإنسان، مؤخرا في مدينة تعز ندوة بعنوان “المرأة بين تحديات النزوح ومخاطر الألغام”، وقد حضر هذه الندوة رئيس أركان حرب محور تعز، والقائم بأعمال قائد المحور اللواء الركن عبد العزيز المجيدي، وجمع من المحامين والنشطاء ومديري منظمات المجتمع المدني في مدينة تعز.
وقد تمحورت رسالته هذه الندوة حول رهان تسليط الضوء على مخاطر الألغام وتحديات النزوح التي تتعرض لها المرأة في اليمن بسبب الحرب، وذلك تزامناً مع انطلاق الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة.
مسام والإستقرار الأسري للمرأة اليمنية
وفي هذا السياق، قال مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ومشرف مشروع مسام في تعز، العميد عارف القحطاني إن 223 امرأة تضررت خلال السنوات الماضية بالألغام التي زرعتها جماعة الحوثي في محافظة تعز فقط.
كما أضاف أنّ جماعة الحوثي تعمدت زراعة الألغام في المناطق الريفية ومناطق الرعي؛ وذلك في استهداف واضح للمرأة في مناطق واسعة في اليمن بشكل عام وفي محافظة تعز بشكل خاص، حيث توجد أكثر من 18 مديرية ملوثة بالألغام، ويعمل مسام بالاشراكة مع جميع منظمات المجتمع المدني لإطلاع الرأي العام على جرائم ميليشيا الحوثي المتمثلة في صناعة الألغام الفردية وتحويل الألغام المضادة للآليات إلى ألغام فردية وزراعتها في المناطق المدنية عالية التأثير.
وقد اعتبر القحطاني أن مشاركة مشروع مسام في مثل هذه الفعاليات الإنسانية المحلية والدولية يحوله أيضا إلى مشروع رصد وتوثيق أمام العالم وأمام منظمات حقوق الإنسان لجرائم الحوثي الملغومة التي تبيد الأبرياء، حيث قال: “قدم مسام إنجازات رائدة وتضحيات جليلة ساهمت في وقف تهجير المرأة والفتاة عامة في اليمن بسبب الألغام، وهو مشروع أوجد بإنجازاته الإنسانية أسباب الاستقرار الاجتماعي بعد أن عانى اليمنيون عامة من حالات من الشتات الاجتماعي بسبب علب الموت المتفجرة”.
وأضاف القحطاني أيضاً “بسبب الألغام كانت المرأة اليمنية تعيش التمزق الأسري والاجتماعي، حيث تضطر للعيش مع جزء من عائلتها في غياهب النزوح في محافظة ما، بينما يعيش الجزء الآخر من أسرتها في محافظة أخرى، وقد أوقف مشروع مسام هذا النزيف الاجتماعي بعد أن أمن العديد من المناطق من الألغام، مما أسهم في جمع شمل العائلات واستعادة المرأة اليمنية لإستقرارها الأسري في عدة محافظات”.
إيصال صوت المرأة اليمنية للعالم
من جانبه، ثمّن مدير عام مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بتعز الأستاذ عبدة علي، الدور الذي يقوم به مشروع مسام في نزع الألغام وحماية المرأة من مخاطرها، وقال إنّ إقامة مشروع مسام لهذه الندوات يساهم في لفت أنظار المنظمات الدولية تجاه هذه المشكلة، وبالتالي الضغط على جماعة الحوثي لإيقاف هذه الجرائم.
كما أضاف قائلاً: “إن ما قدمه مشروع مسام من إنجازات وتضحيات في اليمن في سبيل مكافحة الآلام وإنقاذ اليمنيين من هذه العلب القاتلة وحماية المرأة من هذه الفخاخ المهلكة على سبيل المثال لا الحصر، مسألة غنية عن التعريف، وجهود تستحق التقدير والإحترام والإكبار، وقد أولى مشروع مسام عناية خاصة بالمرأة اليمنية كعنصر مهم في مسار التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومكنها من لم شمل أسرتها ومزاولة نشاطها في الرعي والزراعة وجلب المياه من الآبار وغيره في أمان ودون خوف خاصة في محافظة تعز”.
وقد اعتبر علي أن مسام خلق مناخاً خصباً للتوعية الاجتماعية وساهم في رفع منسوب الوعي الاجتماعي للناس حيال هذه الألغام التي تهدد حياتهم واستقرارهم، حيث قال “لقد بات الجميع وعلى رأسهم النساء والأطفال أكثر وعيا وحذرا من هذه العلب الخطرة المهلكة، مما ساهم في تراجع عدد حوادث الألغام، وهذا الفضل يعود للجهود الإنسانية لمشروع مسام الذي يبذل قصارى جهده ليكون اليمنيون آمنيين من الألغام”.
كما اعتبرت المحامية اليمنية رغدة المقطري، أن المرأة في اليمن تضررت بشكل كبير بسبب الألغام، حيث فقدت الكثيرات من النساء اليمنيات حياتهن بسبب الألغام، فيما جعلت هذه العلب المنفجرة عدد كبير من النساء اليمنيات أيضا يتحولن إلى ذوات احتياجات خاصة، بعد التسبب في بتر أطرافهن على يد الألغام، وهذه الاعتداءات تمثل وجه من وجوه العنف المسلط ضد المراة في تعز وغيرها من المحافظات اليمنية.
وقد أكدت رغدة القطري أن اليمن موقع على اتفاقية حظر الألغام، ويجب معاقبة المتسببين في انتاج وزرع وتمويه هذه الألغام بشكل سريع، والضغط على الحوثيين لتسليم خرائط زراعة الألغام للجهات المعنية لوقف نزيف الدم في اليمن بسبب هذه العلب القاتلة.
كما نوهت المحامية والناشطة الحقوقية اليمنية شينة زلك حكيم، أن مثل هذه الندوات تسلط الضوء على ضحايا الألغام المغيبين الذين يعانون في صمت ويتجاهل العالم الإنساني مآسيهم، قائلة “إن التوقف عن معاناة المرأة اليمنية مع الألغام واعتبار جرائم هذه العلب المنفجرة عنف مسلط ضد المرأة، فيه دعم نفسي كبير لهذه الفئة الاجتماعية الهشة التى سلبتها الألغام أبسط حقوقها، والذي مفاده العيش بأمان مع أسرتها وكسب رزقها دون خوف”.
وقد ختمت تيسير عقلان، الباحثة الاجتماعية اليمنية وعضو تحالف النازحات واللاجئات والمهجرات قائلة “نشكر مشروع مسام الذي يواصل مشواره الإنساني في اليمن بعزم وثبات ولا يكتفي بنزع الألغام وإتلافها، لكنه يبذل أيضا مجهودات كبيرة أيضا في التوعية بمخاطرهذه الألغام وبشد أنظار العالم لمعاناة اليمنيين من ضحايا الألغام مع هذه الجائحة المهلكة، وعلى رأس هؤلاء الضحايا المرأة اليمنية، وعلى منظمات المجمتع المدني أن تحذو حذو مسام في التعريف بمصابها الجلل مع الألغام وأن تسعى لمدها بأسباب الدعم النفسي والاقتصادي وأن يتناول الإعلام اليمني بشكل مستفيض هذه المعاناة وينقلها للعالم على خطى مشروع مسام الذي يكرس طاقاتها وخبراته الميدانية وحتى الإعلامية ليكافح الألغام بقوة وحنكة، فمسام يبذل جهودا كبيرة لكي يشد أنظار العالم لمعاناة اليمن مع الألغام ولكي يدعوه يشارك في رفعها يد بيد.