إن اليمن دولة منسية في عالم المتغيرات وعالم الابتذال السياسي وعالم التغول الاستعماري في ظل وجود عصابات تمارس التعسف وتزدري الضعيف وتقضي على البؤساء الذين لا يملكون غير الدعاء. فما يجري في اليمن هو استنزاف للقوى البشرية بسلاح الموت المموه والمتفجر “بالألغام” التي التهمت الأخضر واليابس.
تقارير رسمية تشير إلى أن الميلشيات طمروا ما يزيد عن مليوني لغم وعبوة ناسفة، وقاموا بتمويهها وإخفائها بغية إسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا في ربوع اليمن الشقيق دون أن يرف لهم جفن أو تنازعهم ضمائرهم لوهلة، فنزعة الانتقام لديهم أعمت قلوبهم وأطفأت قلوبهم وقبرت ضمائرهم في برك الدم القاني.
إن الخطر الذي تحمله ألغام الغدر لا تشكل خطرا على الحاضر فقط وإنما تتعداه للمستقبل. إذ تهدد بإخلاء قرى ومدن من سكانها إضافة إلى قطع الأرزاق والدفع بشعب إلى المجاعة بعد سلب حقه في حصد محاصيله الزراعية علاوة على حرمانه من حقوقه الإنسانية البسيطة كالصحة والتعليم والتنقل.
يوما بعد آخر تؤكد هذه الميليشيات أنها لا تلتزم بعهد ولا بميثاق ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق واتفاقيات السلام، الأمر الذي يبين استهتارها بحياة اليمنيين دون استثناء فهي لم تفرق بين الشيوخ والنساء والأطفال بغية تحقيق أجنداتها الخارجية الموبوءة.
هكذا يعيش اليمنيون ليلا طويلا لا يعرف نهاية بعد أن عبث سفاحو السلطة باليمن، فتبخرت الأحلام وأصبحت الحياة مزيجا من الأسى والحزن والحسرة إثر تركهم يواجهون مصيرهم بين يدي وحوش تنهش أجسادهم.
ورغم هذه السموم االملغومة التي استشرت في الجسم اليمني، إلا أن مشروع مسام مازال ماضيا في إنجاز ما بعث من أجله عملا بالشعار الذي رفعه ألا وهو “حياة بلا ألغام”.
ففي الوقت الذي يقف فيه العالم أمام صور اليمن المتهالك غير عابئ بما يحدث في حق المدنيين على يد الملشيات، تخط فرق مسام نموذجا راقيا ومميزا في التضحية، وهم يخلصون الإنسانية من سموم يدسها أعداء الحياة ويتجرعها الأبرياء.
فمنذ الأيام الأولى لحلوله بأرض اليمن، لعبت خبرات مشروع مسام دورا بارزا في تطهير المناطق المحررة من الألغام والعبوات الناسفة الأمر الذي ساهم في إعادة دورة الحياة الطبيعية لبعض المناطق وتسهيل إيصال المساعدات لمحتاجيها. كما حرص المشروع على نقل خبراته في مجال نزع الألغام إلى الكوادر اليمنية المحلية عدا عن تنفيذ حملات توعية لأهالي المدن والقرى المحررة حول مخاطر الألغام.
وقد أزالت الفرق الهندسية التابعة لمسام 241048 لغما وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، كما شملت إنجازات المشروع تطهير 22518643 مترا مربعا من الأراضي اليمنية، لتدور عجلة الحياة مجددا في عدة مناطق في اليمن على أمل أن تستعيد مختلف ربوع هذا البلد الشقيق عافيته من جائحة الألغام.