في عيد ميلاده الرابع، يواصل مشروع مسام مسيرة عطائه وتضحياته وإنجازاته في اليمن في إطار مهمته الإنسانية الهادفة أولا وأخيرا للقضاء على الألغام في هذا البلد الشقيق الذي حولته علب الموت المتفجر إلى أكبر حقل للألغام في العالم.
منذ نهاية يونيو 2018 إنقلبت المعادلة في اليمن، وبدأت كفة الألغام الطاغية والمتوغلة في التقتيل وإستباحة دماء الضحايا الأبرياء من المدنيين اليمنيين، تميل شيئا فشيئا لصالح مشروع مسام الإنساني الذي عقد العزم على الإنتصار على هذا الإرهاب الملغوم المدفون تحت الأرض.
وفعلا تنفست مناطق عدة محررة في اليمن الصعداء بحلول فرق مسام فيها ومثابرتها في هزيمة الألغام وتجريدها من هذا الموت المتفجر فيها، فطهرت أراض ومزاع وأحياء ووديان وجبال وصحار وبيوت ومدارس وشواطئ وغيرها من ألغام مهلكة، وعادت الحياة إلى سابق عهدها في هذه البقاع التي وصلها مدد مسام الإنساني.
وبعد ثلاث سنوات من العمل المتفاني والتضحيات الجسام تمكن مسام من إزالة أكثر من 264 ألف لغم وذخيرة غير منفجرة وهو رقم مشرف وحصري لم يسبق لأي مشروع إنساني تحقيقه في العالم في هذه المدة الزمنية القياسية وفي الظروف المحفوفة بالمخاطر التي عمل ومازال فيها أفراد أسرة هذا المشروع.
ولتحقيق هذه الإنجازات السابق ذكرها والتي فاض خيرها على أهل اليمن من مختلف الشرائح العمرية والإجتماعية وبان وقعها وتأثيرها خاصة على أطفال اليمن الذين استعاد عدد كبير منهم طفولتهم المنهوبة بتحرير مناطق سكنهم ودراستهم وحياتهم برمته من الألغام، وكذلك الشباب الذين تجدد لديهم الأمل بغد أفضل ومستقبل أكثر إشراقا، بالإضافة للمزارعين ورعاة المواشي الذين استعادوا إيقاع أيامهم بعد تحررالكثيرين منهم من سجن الألغام، وهي إنجازات قدم لأجلها مشروع مسام تضحيات جسام لا يمكن إلا أن ينحنى أمامها إكبارا وتقديرا لها ولعمق إيمانها بالقيم الإنسانية التي هي وقود عطائها في هذا المشروع الفذ.
فبالإضافة للتسلح بأكثر المعدات والتقنيات المستخدمة في مجال نزع الألغام على مستوى العالم والإستعانة بخبرات متألقة في مجال نزع وإتلاف الألغام، ضم فريقا متعدد الجنسيات غنيا بالخبرات والطاقات الفذة، وعمل المشروع على مخاطبة مختلف الشرائح المستهدفة عبر جهوده الإنسانية في اليمن عن طريق رسائل اتصالية تناسب كل منها وتخاطبهم بلغتهم وتعزز فيهم الوعي بمخاطر الألغام وضرورة اكتساب ثقافة وقائية تقي اليمنيين الأبرياء من شرها بأسلوب مبسط وفعال، وذلك من خلال نشر فريق المشروع عبر المحافضات المحررة وتخصيص كوادر لتوعية الناس بهذا العدو الملغوم وتدعوهم إلى تجنب الأجسام الغريبة وإيضاح أنواع التمويه المستخدمة في استدراج الضحايا نحو الفخ القاتل.
كما جند مسام منابر اتصالية رقمية تخاطب العالم برمته وتبرز له حجم الكارثة التي يعيش في ظلها الشعب اليمني بسبب الألغام، حيث تحرك المشروع عبر العالم الإفتراضي وعن طريق فريق إعلامي محنك ليدق كل الأبواب الإنسانية ويحرك مشاعر التعاطف مع أهل اليمن الذين تستبد بهم جائحة الألغام، وكان للموقع الإلكتروني لهذا المشروع ولصفحاته على منصات التواصل الاجتماعي التي عمل من خلالها على مخاطبة المستديرة، دورا كبيرا في إيصال صوت معاناة اليمنيين مع فخاخ الموت المتفجر.
وقد نوع مسام في إطار جهوده الرامية لإبلاغ فحوى رسالته الإنسانية في اليمن من لغات التواصل مع العالم ، حيث ركز على اللغة العربية في الموقع الإلتكروني الخاص بالمشروع، كما بعث أيضا موقعا خاصا بالمشروع ناطقا باللغة الإنجيلزية عبر تخصيص فريق دولي يعنى بهذا الجانب ليبلغ صوته الإنساني لكل المنظمات والهيئات المجتمعات الإنسانية في العالم، ساعيا إلى ضم صوتها وجهودها إلى صف مسام ليتم تحرير اليمن من جائحة الألغام في وقت قياسي وإنهاء معاناة شعب بأكمله تفترسه الألغام على مدار الساعة.
ولم يترك مسام بابا للعطاء الإنساني في إطار هذا المشروع إلا وطرقه، حيث قدم تضحيات لا تقدر بثمن، حيث فقد في إطار هذه المهمة الإنسانية 21 شهيدا (منهم 5 خبراء أجانب) من خيرة أبناء هذا المشروع تألقا وخبرة وإيمانا بقيمه الإنسانية، وقد لقيت هذه التضحيات تفاعلا دوليا كبيرا وتقديرا أمميا واضحا لهذا المشروع الذي لم يآثر على اليمنيين حتى التضحية بالنفس من أجل إعلاء صوت الإنسانية الذي تكفله القوانين السماوية والوضعية على حد السواء وتكرسه الهمم العالية لأبناء مسام.
وأمام هذا الزخم من العطاء والتقدير المحلي والدولي لمشروع مسام وإنجازاته الإنسانية الفذة، وجد هذا الأخير كل التشجيع والتقدير لتضحياته الكبيرة وتم الشد على سواعده المعطاءة لمواصلة جهوده في دحر الألغام في اليمن وإعلاء صوت الإنسانية فيها، حيث تم تمديد عمل المشروع في الربوع اليمنية المحررة للعام الرابع على التوالي لتتواصل إنجازاته الفذة، فالشعب اليمني مازال بحاجة لوقفة مسام الحازمة إلى صفه ليبلغ ضفاف الأمان المرتقبة “يمن بلا ألغام”، وهو ما يدركه المشروع جيدا ويعمل على شحذ كل الهمم لبلوغه في وقت قياسي.