الأخبار
أدلجة الدين” أسوأ أثرا من الإلحاد، حسب رأي الدكتور عبد الجبار الرفاعي، والمقصود بها انتزاع مضمون الدين الروحي واستخدامه سلعة في سوق سياسية أو مركبا للقوة والسلطة والنفوذ. فالدين المؤدلج لا يرى غير نفسه، منشغل بالتغلب على بقية الخلق وعن مشاركتهم في العمران. وهو تماما ما تفعله التنظيمات الإرهابية جميعا على غرار الميليشيات في اليمن التي أحلت لنفسها دماء أبناء اليمن وتخريب ديارهم وتفخيخ أرضهم في سبيل الظفر بحفنة من المصالح الضيقة.
إضافة لكل المعاناة التي يعيشها سكان اليمن، حلت الألغام ثقيلة مريرة ومستبدة، لتضيف مزيدا من التعقيد إلى حياتهم ترش على جراحهم ملح الغدر، فهذا السلاح تسبب في إخماد أصوات عجت بها أركان المنازل وإفراغ قرى من قاطنيها بعد أن غزى أرضهم واحتل مساكنهم وشوارعهم و تسرب لأدق تفاصيل حياتهم وسكن حتى علب أكلهم.
فالألغام قيدت حركة الناس ومنعت وصول المساعدات الإنسانية إليهم وجعلت مزراعهم غير صالحة للزراعة وحالت دون حصول المواطنين على الماء والغذاء والرعاية، فيموت بسببها الناس أو يفقدون أطرافهم كل يوم وهو يطؤون لغما أرضيا لم تتجاوز تكلفته الثلاث دولارات ليدفعوا ثمن تفعيله من أعمارهم وأطرافهم دون رحمة.
فاعتماد هذا النمط المتوحش من قبل الميليشيات، خطوة تحمل رسائل إرهاب ووعيد للمجتمع اليمني وذلك بتسليط أقسى مستويات الألم الجماعي وإشاعة مشاعر الذعر والخوف في نفوس المدنيين الذين باتوا أشبه بالمعتقلين بعد أن تحولت مناطقهم إلى سجن بفعل الألغام التي صادرت حريتهم. فالأمر صار أشبه بالتجول والتنقل في حقل موت، وخطأ بسيط عن مسار طريق قد تودي بحياتك وحياة من يرافقك.
والشعب اليمني يدرك مخاطر الألغام الأرضية جيدا، فله باع طويل مع هذه الكارثة، لكن ألغام الميليشيات كانت أكثرها خطورة نتيجة انتشارها الواسع وعددها المهول.
وحينما حل مشروع مسام ليضع حدا لهذا الموت الزاحف في عدة مناطق يمنية، مثل قدوم هذا المشروع شعلة الأمل التي أضاءت درب اليمنيين ليتلمسوا طريق الخلاص من هذا الدهليز الذي لم يلمحوا له نهاية البتة قبل قدوم مسام.
فلقد قدم خبراء مسام نموذجا يحتذى به في التضحية بعد أن كرسوا حياتهم لإزالة الموت عن طريق المدنيين وتخليص الأرض من السم الذي دفن بين حبات رمالها حتى تدب الحياة من جديد وترسم الابتسامة على ثغور الأطفال وتتهلل تقاسيم وجوه أبناء اليمن.