الأخبار

حينما دخل مسام اليمن بمشروعه الإنساني البحت الهادف لتخليص اليمنيين من أخطبوط الألغام الذي يخنق واقعهم ويأسر أحلامهم ويصادر الحياة من حولهم، كان ولازال هم مسام الأساسي الانسان اليمني.
لكن هذا المشروع النبيل لم يغفل أيضا عن التفكير في البيئة اليمنية ككل، حيث سعى أن يكون خيرا على البشر والجحر وعلى الناس والبيئة أيضا، لذلك اهتم مسام بالتفكير والعمل على التفجير الآمن للألغام لتخليص الناس من شرها بطرق صديقة للبيئة تأخذ بعين الاعتبار معطيات السلامة والتعامل السليم مع المحيط الخارجي، لتكون مهمات هذا المشروع الإنسانية خالية من أي تأثيرات جانبية حتى على البيئة.
وفي هذا الخصم، بيّن الخبير الدولي في مشروع مسام الدكتور زوبع الراوي مدى حرص مسام على سلامة الجميع في إطار مهمته الإنسانية، حيث قال “مشروع مسام يتحرى دائما في عمله في تطهير اليمن من الألغام، أحسن الوسائل وأحدث والتقنيات والأساليب، في عمليات تطهير اليمن من الألغام. وعند العثور على كميات من فخاخ الموت المتفجر والقنابل والمواد المتفجرة، يتم اتلافها بعدة طرق متنوعة، منها التقليدية ومنها المبتكرة”.
وهنا بين الدكتور الراوي نهج مسام الحديث في التعامل مع فخاخ الموت في اليمن، حيث بين “آخر ما تم استخدامه من قبل مسام في عمليات التطهير والمعالجة للقنابل والألغام، يتمثل في الاعتماد على تقنية تيجيت 500، وهذه الوسيلة تعتبر نوعا ما صديقة للبيئة، حيث هناك فروقا بين هذه التقنية الحديثة وبين الوسيلة التقليدية لعمليات التطهير والتي تقوم أساسا على تفجير الذخائر التي تم العثور عليها بواسطة المتفجرات التقليدية، بعد تجميعها في مكان واحد، أو إتلافها في مكانها من خلال تفجيرها باستخدام كمية إضافية من المتفجرات بالإضافة للكمية الأساسية الموجودة المراد التخلص منها سواء أكانت قذيفة أو لغم أو مادة غير منفجرة بها متفجرات”.
ثم استرسل الدكتور زوبع شارحا “أن التفجير التقليدي للألغام وغيرها من المتفجرات يولد 3 عوامل ملوثة: أولا عامل الصوت، بحيث يكون أعلى من الصوت الاعتيادي، وثانيا عامل الاهتزاز، التي تنتج عن الصدمة لمتفجر عالي الانفجار هو بحدود 8000 متر/ ثانية، وهذا يعادل هزة أرضية بما يعادل 5 إلى 7 درجات على مقياس ريختر، وهي هزة قوية جدا، إضافة الى ذلك الحريق الناتج أو الانفجار الذي يحدث ويحول الكمية الصلبة من المتفجرات إلى غازات فورا بكميات هائلة جدا، بحيث لا يفسح مجال للبيئة بامتصاصها، فعامل التركيز للمادة الكيميائية الناتجة من الانفجار عالية جدا في تلك البقعة”.
وبخصوص الطريقة الآمنة بيئيا للتخلص من الألغام، أفاد الخبير الدولي في مشروع مسام الدكتور زوبع الراوي التالي “تقوم الطريقة الصديقة للبيئة في عمليات التطهير ومعالجة القنابل والألغام على صداقة نسبية للبيئة وليست مطلقة، وهي أقل ضررا على المحيط، فهي تؤدي إلى حرق المادة المتفجرة داخل اللغم، وهذا الحرق بطيء نسبيا، بما يعادل سرعة اشتعال الحطب أو تزيد قليلا، وهذه الطريقة في الاشتعال تفسح المجال للبيئة كالرياح والمياه لامتصاص الملوثات أكثر، وبالتالي تقل الملوثات الناتجة عن عملية الإتلاف تلك بكميات كبيرة جدا”.
كما بين الدكتور الراوي مميزات هذه التقنية الآمنة بيئيا في التخلص من الألغام، حيث أفاد “هذه الطريقة خالية من الاهتزاز والصوت عموما، إلا في حالات استثنائية، حيث يحدث تفجير أثناء عمليات الاشتعال تصل فيها قوة الاهتزاز بهذه الطريقة الصديقة للبيئة في التعامل مع الألغام والمتفجرات إلى نسبة 5 بالمائة، وهي نسبة مقبولة نوعا ما، ونحاول دائما تقليلها بالاستخدام الصحيح لعمليات الحرق والإتلاف”.
وفيما يخص مبررات اعتماد هذه التقنية للتخلص الآمن من الألغام، قال الدكتور زوبع “نحن نلجأ إلى طريقة تيجيت 500 في عمليات تطهير ومعالجة القنابل والألغام، عندما تكون هناك مصاعب في عملية إتلاف ذخائر وألغام بطريقة تقليدية، خاصة عندما تكون متواجدة في أماكن سكنية أو مزارع مثمرة أو مناطق عالية التأثير، ويتعذر نقل الذخائر غير المنفجرة من مكان تواجدها.. وفي كل الأحوال، كمبدأ أساسي من مبادئ العمل لدى مشروع مسام، نحن نراعي السلامة العامة وسلامة العمل، قبل عمليات الإتلاف، ولذلك نتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لتأمين العاملين وسلامة الناس المحيطين وسلامة البنية التحتية والبنى المحيطة سواء كانت أشجار أو مساكن أو أي مرافق أخرى، لأنه من الوارد حدوث انفجار أثناء اشتعال المواد المتفجرة المراد إتلافها والتخلص منها”.
بخصوص الطرق الأخرى لأتلاف الألغام، فقد أثنى الخبير الدولي في مشروع مسام الدكتور زوبع الراوي على حرص مسام على التقيد بشروط السلامة في كل عمله، لقوله “أما في المناطق المفتوحة، والتي يتم فيها إتلاف الألغام بطريقة اعتيادية، فيتم أيضا أخذ الاحتياطات اللازمة قبل إتلاف أي متفجر من خلال مراعاة المحاذير القياسية وتوفر السواتر الترابية”.
وقد ثمن الدكتور الراوي الطريقة الأمنة لإتلاف الألغام المعتمدة لدى مسام قائلا “عملية الإتلاف عن طريقة تيجيت 500، هي عملية آمنة ومتطورة، تستخدم أول مرة في اليمن من قبل مشروع مسام، وقد استخدمت سابقا من قبل المشروع على نطاق محدود والآن توسع اعتمادها بشكل كبير جدا في كل مكان لا يمكن فيه التحكم في رفع الملوثات أو هناك صعوبة لإتلاف الذخائر بطريقة تقليدية، يتم حينها اللجوء مباشرة إلى الإتلاف بتيجيت 500، فتقنية تيجيت 500 الآمنة والصديقة للبيئة، تم توظيفها وتطبيقها من فرق مسام على نطاق واسع، بإشراف تقنيين وخبراء دوليين في هذا المشروع ضلعين بهذه التقنية ولهم خبرة عالية جدا في هذا المجال”.
وقد ثمن مدير العمليات في مشروع مسام، رتيف هورن رؤية مقاربة الدكتور زوبع الراوي فيما يتعلق بخصائص ومميزات تقنية إتلاف الألغام تيجيت 500، حيث ذكر “كما تعلمون، فإن إحدى أهم الطرق التقليدية للتخلص من الألغام هي استعمال المتفجرات. البديل الذي نستعمله اليوم هو تيجيت 500، والذي يحرق المتفجرات. هذا النظام يعتبر غير مفجر، أي بمعنى أنه ليس هناك تفجير في العملية، إذ أن العملية تكون بالحرق فقط”.
ثم استرسل مدير العمليات في مشروع مسام، رتيف هورن موضحا رؤيته لهذه التقنية “تستعمل تيجيت 500 في ظروف خاصة، حين تعثر على مواد في مناطق مبنية، فلا تستطيع القيام بعملية تفجير المباني مثلا، لأنه لا يمكن نقلها، فنلجأ لهذه الطريقة، حتى لا يكون هناك أضرار تلحق بالبيئة المحلية، أو بالمباني التي عثر فيها على تلك المواد”.
أما القيود الوحيدة في العملية، هي أن الحرق يكون لمادة واحدة تلو الأخرى، أي لا يمكن إحراق تلك المواد بالجملة. إذ أنه يمكن تدمير مادة واحدة فقط، ولا يمكن تدمير مواد عدة بشحنة واحدة فقط، وهنا أعني كافة أنواع الألغام. فهناك تدريب بأدنى حد، ولكن يجب أن يكون هناك تدريب على هذه الطريقة، وينبغي أن يكون هناك إشراف جيد على العملية، وينبغي أن تكون هناك قدرة جسدية لاستعمال النظام على الألغام والذخائر غير المنفجرة.
وقد وضح مدير العمليات في مشروع مسام، خاصية هامة من خصائص تيجيت 500 قائلا “تستعمل هذه التقنية على المواد المعدنية السميكة، ويمكن أن يخترق لغاية 20 مليمترا في المعادن الثقيلة، فهذا النظام يمكن استعماله لحرق أي لغم أو ذخيرة غير منفجرة أو أي أجهزة متفجرة موجودة في اليمن”.