فرحة كادت تحبس أنفاسه وعبارات أوشكت أن تتوه منه في تجاويف فرحته، بعد أن تمكن من أن يضع أقدامه مجدداً في مزرعته، التي كانت تحول بينه وبينها الألغام وطال غيابه عنها، وكان ينظر لها من بعيد بعين الحسرة والقهر وقد باتت بورا بعد أن عزتها علب الموت المتفجرة ومنعته من العمل فيها.
هذا حال رجل مسن يمني يقف اليوم في مزرعته ملوحاً بعبارات الشكر والثناء لمشروع مسام الذي أعاد له أرضه آمنة ولقلبه فرحة خال أنه لن يعيش مشارعها أبداً، حيث قال: “شكراً مشروع مسام، شكراً جزيلاً لجهودكم البارة ولتضحياتكم الجليلة يا أصحاب الأيادي البيضاء، بفضلكم عادت أرضي للحياة وعدت مجدداً لكي أعمل فيها، كم كان في قلبي حسرة عليها وأنا أرى أمطار الخير والبركة تهطل ولا أقدر الاقتراب منها بسبب كثرة زراعتها بالألغام من قبل الميليشيات، جهودكم النبيلة والرحيمة أنقذت أرضي وأنقذتني، بارك الله لكم وفيكم”.
بهذه العبارات عبر هذا المسن اليمني عن فرحته بعودة أرضه محررة من الألغام، والتي يقف فيها اليوم وقد عجت بعلب الموت بعد أن نزعتها فرق مسام وأبطلت مفعولها، فبدت منتشرة بطريقة مرعبة هناك وهناك وبكثرة، وكأنها تقتفي أثر الحياة في هذا المكان وترفض السماح لها بالبقاء في مملكة الموت الملغوم التي نصبتها، لكن جهود فرق مسام اجتثت هذا الموت الغادر من أوكاره وقضت عليه في مهده، وسمحت للحياة مجدداً أن تستعيد مجاريها في هذه المزرعة التي يقف فيها هذا الشيخ اليوم فرحا مستبشرا بغد أفضل.
وهذا هو مشروع مسام بكل بساطة، يبذر الحياة أينما حل وتعم بجهوده وتضحياته فرحة ظن أصحابها أنها رحلت عنهم للأبد، فيستعيد ضحايا الألغام بيوتهم وقراهم ومصادر رزقهم وألفتهم الاجتماعية، ويعود وصال الغائبين والمبعدين والمشردين والنازحين بسبب ظلم الألغام، وتعلو كلمة البقاء والحياة فوق كلمات القهر والظلم والغدر.