«مسام».. ينزع الأذى ويزرع الحياة

القصيبي: نجحنا في إزالة 386 ألف لغم حوثي لتطهير الأراضي اليمنية وحماية المدنيين

انطلق اليوم الإثنين، منتدى الرياض الدولي الإنساني في دورته الثالثة، ويستمر على مدار يومي 20-21 فبراير، بالشراكة مع الأمم المتحدة، وذلك انطلاقاً من التزام المملكة العربية السعودية بدورها الإنساني والتنموي وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- وإنابة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض.

يشارك في المنتدى -الذي ينظمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية كل عامين- نخبة من القادة والمانحين والعاملين والباحثين في مجال العمل الإنساني وغيرهم من المهتمين لتعزيز الحوار حول الإطار التشريعي والمعرفي والممارسات الميدانية للعمل الإنساني والتحديات المرتبطة بها لإيجاد حلول عملية مبتكرة وفقاً لمبادئ ومعايير العمل الإنساني والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).

ويعقد منتدى الرياض الدولي الإنساني كل عامين في المملكة العربية السعودية، ويهدف إلى تعزيز الحوار وقنوات الاتصال بين القادة والمانحين والعاملين والباحثين وتبادل الخبرات والأفكار والممارسات الفضلى لتطوير العمل الإنساني، وتفعيل النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام لضمان تحقيق الاستدامة والتنمية الشاملة، وتطويع التقنية والتحول الرقمي لخدمة العمل الإنساني.
كما يهدف المنتدى إلى طرح أبرز الفرص والتحديات في العمل الإنساني بهدف تطوير حلول مبتكرة ومستدامة وفاعلة للاستجابة الإنسانية، وتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)

في السياق الإنساني، واستشراف وتطوير العمل الإنساني من خلال البحث العلمي وحوكمة جودة البيانات بما في ذلك الدراسات القائمة على الممارسات المبنية على الأدلة والبراهين، وتشجيع وإشراك الشباب في العمل التطوعي والمساهمة في العمل الإنساني.

ويتناول المنتدى في دورته الثالثة، تطور الاحتياجات الانسانية، والاستجابة لها، وجمع البيانات وتحليلها لدعم العمل الإنساني، والعمل الاستباقي – تعزيز المرونة في المجتمعات المحلية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تفعيل النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، وتحديات العمل الإنساني.

جدير بالذكر أن أبرز الحضور والمتحدثين في الدورة الحالية: صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، والدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والسيد مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، والسيد يانيس ليناريتش المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات، ومعالي وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، ومعالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي.
ويشارك ضمن أجنحة المنتدى، مشروع «مسام» وهو ذراع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» لتطهير اليمن من ألغام الموت التي زرعتها ميليشيا الحوثي بشكل عشوائي في مناطق شاسعة كانت تسيطر عليه

وحول ذلك، قال الأستاذ أسامة القصيبي، مدير عام مشروع «مسام» لإزالة الألغام في اليمن، إنه استمراراً لجهود المملكة العربية السعودية ومكانتها العالمية والفعالة في الأعمال الإنسانية، انطلق مشروع «مسام» منذ منتصف العام 2018م للعمل على أمن الإنسان اليمني من علب الموت المتفجر واستعادة الحياة الآمنة في وطنه المنكوب بالألغام العشوائية والمموهة والمعدلة.

وأوضح القصيبي في تصريحات لـ«الرياض» أن فرق عمل «مسام» نجحت منذ انطلاق المشروع وحتى العاشر من فبراير الجاري في نزع 386 ألفا و282 لغمًا وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، ليصل إجمالي الأراضي التي تم تطهيرها إلى 44,122,922 كم.

وأضاف القصيبي أن فرق «مسام» تعمل أيضا على تدريب كوادر وطنية يمنية على نزع الألغام، ووضع آلية تساعد اليمنيين على امتلاك خبرات مستدامة لنزع الألغام، حيث تضم فرق «مسام» 525 موظفًا بينهم 32 فريقًا يعملون في المناطق المحررة في جميع أنحاء اليمن، قاموا بتدريب وتجهيز 450 مواطنا يمنيا والإشراف عليهم منتشرين في جميع أنحاء اليمن.

وأوضح القصيبي أن العمل في نزع الألغام باليمن يواجه العديد من التحديات تتمثل أبرزها في عدم وجود أي خرائط لهذه الألغام، بأي جهة أيا كانت، حيث لم يحصل مشروع «مسام» على أي خرائط لزراعة الألغام، منذ بدء العمل وحتى اليوم، ويعتمد على فرق المسح الميدانية وعلى المعلومات التي يتم جمعها من الميدان، وأيضا حوادث الانفجارات التي تحدث بشكل شبه يومي.

ولفت القصيبي أيضا إلى تطوير ميليشيا الحوثي ألغام محلية الصنع، حيث أن 85% من الألغام التي تنزعها فرق «مسام» محلية الصنع، ولم تكتف الميليشيا بذلك بل قامت بتمويهها على أشكال أحجار وخرسانات حديدية وعلب بلاستيكية وصخور مفخخة أو جذوع نخل ووضعها في مزارع المواطنين، أو وضع العبوات الناسفة في إطارات السيارات

وأشار القصيبي إلى أن مشروع مسام من خلال مكتبه الإعلامي يعمل بشكل فعال في مجال توعية المواطنين بمخاطر الألغام، وتسليط الضوء على المآسي الإنسانية الناجمة عنها، مشيراً إلى أن جميع فرق مسام المنتشرة في أكثر من ثماني محافظات يمنية تقوم بحملات توعوية مصاحبة لعملها في كل المناطق التي تنتشر فيها.

وقال القصيبي إن زراعة الألغام بشكل عشوائي في الأراضي اليمنية، أحدثت شللا في المناطق المحررة التي عاد إليها المدنيين مرة أخرى، وهو ما جعل فرق مشروع مسام تعمل على تحرير المفاصل الحيوية أولاً من براثم الموت الملغوم، حيث تم تطهير المناطق عالية التأثير وتأمين مصادر التزود بالمياه والمستشفيات والمراكز الصحية ودور العبادة وغيرها من ضروريات الحياة اليومية من سطوة الألغام، لتدور عجلة الحياة مجدداً في اليمن الذي تحول إلى حقل مفتوح لألغام الحوثي الغادرة.

وتابع القصيبي أن الميليشيا الحوثية راهنت على تدمير العملية التعليمية في اليمن، حيث لم تنج المدارس أيضا من عمليات زراعة الألغام، واكتسحت العديد من المدارس، بهدف تدمير أجيال اليوم والغد في هذا الوطن، ما يعد بيئة خصبة لنشر الجهل والأمية وشد الشعب اليمني إلى الوراء، لذا فقد أولى مشروع «مسام» اهتماماً كبيراً بتطهير العديد من المدارس اليمنية من الألغام لأنه يؤمن بحق الشعب اليمني في حياة آمنة بلا ألغام، وفي صلب قناعته هذه أيضاً، يؤمن أن هذه الحياة الآمنة لا يمكن أن تكتمل وتزدهر إلا بحياة تعليمية آمنة مطمئنة.

وبين القصيبي أن عمل فريق «مسام» يبدأ بتحديد المواقع بشكل سريع ودقيق لإزالة الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة في جميع المناطق المحررة، وتأكيد المناطق الملوثة بالألغام عبر إجراء مسوحات فنية، ثم بدء عمليات تطهير يدوية في جميع المواقع المؤكدة بما يتماشى مع المعايير الدولية المتعلقة بنزع الألغام، وحتى وقتنا الحالي فقد عمل «مسام» في 11 منطقة هي «صنعاء – الحديدة – عدن – البيضاء – الجوف – لحج – مأرب – شبوة – تعز – الضالع – صعدة».

وختم مدير عام مشروع «مسام» تصريحاته لـ«الرياض» مؤكداً أن «مسام» وضع منذ اللحظة الأولى لانطلاقته، الأبعاد الإنسانية نصب عينيه، وقدم في سبيلها تضحيات جسام وصلت حدّ فداء الإنسان اليمني بالنفس، حيث يمتلك فريقا تعاهد على ميثاق إنساني خالص مفاده تلبية نداء الإنسانية في اليمن بسخاء وعطاء لا حدود لهما، متسلحا في هذه المهمة النبيلة بنخبة من الخبراء الضالعين في مجال نزع واتلاف الألغام والذين يمدون فرق «مسام» باستمرار بمعارف نوعية توجههم بمهنية عالية على الأرض وتساهم في إنجاح مهماتهم الميدانية.

 

 

شارك المقال

واتس اب
لينكد إن
تويتر
الفيسبوك