الأخبار
في عام 2013، تم اختيار تعز عاصمة اليمن الثقافية. حينها وصفها الأكاديميون والكتاب بأنها موطنهم، كانت مليئة بالحياة. لكن تغير كل شيء فجأة، صار الموت في كل مكان، ليس هناك ثقافة إلا ثقافة الموت.
خلال هذه السنوات بقي اليمن عالقا في جمود قاتل يراوح مكانه، فمحادثات السلام لم تجد لإحلال السلام طريقا بسبب تعنت جماعة الحوثي وخرقها المتواصل لكل الاتفاقات.
وتعتبر الألغام مبعث الخوف الأول لأغلب المدنيين، حيث انشطر العديد منهم إلى نصفين بعدما داسوا على لغم أرضي فيما خرجت أحشاء بعضهم وآخرين فقدوا أطرافهم.
فعند تغير خطوط الجبهة، يقوم الانقلابيون بزرع الألغام وإخفائها في التربة أو المباني أو آبار المياه.. وغيرها.
إن الاستخدام الواسع للألغام الأرضية، من قبل الميليشيات الحوثية، قتل وجرح الآلاف من المدنيين كما منع منظمات الإغاثة من الوصول إلى المجتمعات الضعيفة.
ورغم أن القانون اليمني و”اتفاقية حظر الألغام” لعام 1997 يحظران استخدام الألغام المضادة للأفراد، فإن الحوثيين استعملوا الألغام المضادة للمركبات عشوائيا في انتهاك لقوانين الحرب، ما شكل خطرا على المدنيين.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد أشارت إلى أنها رصدت أدلة على أنه بالإضافة إلى زرع الألغام الأرضية المضادة للأفراد طمرت الميليشيات الحوثية الألغام المضادة للمركبات في المناطق المدنية والألغام المضادة للمركبات المعدلة لكي تنفجر من وزن شخص. هذا عدا عن الأجهزة المتفجرة يدوية الصنع المموهة على شكل صخور أو أجزاء من جذوع الأشجار وكذلك استخدمت الألغام البحرية على الرغم من المخاطر التي تتعرض لها السفن التجارية وقوارب الصيادين.
لقد تسبب الجنون الحوثي باستعمال الألغام في حرمان الناس من مصادر المياه والغذاء وأسهم في الأزمة الإنسانية في كامل البلاد التي مزقها الانقلاب.
وقد وصفت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ليز غراندي، اليمن بأنه يشهد أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم.
هؤلاء المتمردون يتحملون المسؤولية كاملة عن الإصابات التي لحقت بالمدنيين والأضرار المدنية المتوقعة من الألغام الأرضية عدا عن الأضرار النفسية التي لن تشف أبدا.
فباستخدام الألغام، يظهر الحوثيون قسوة بالغة تجاه المدنيين خاصة وأن زراعتها تعد من الجرائم ضد الإنسانية طويلة الأمد. إذ يترتب عليها معاناة مستمرة تطال الأجيال المتعاقبة وتلحق بالأشخاص عاهات مستديمة. لكن هذا لا يهم جماعة الحوثي في شيء، إذ لا يرف لهم جفن وهم يرون أشلاء أبناء جلدتهم تتطاير هنا وهناك ودمائهم تروي أرضهم الطيبة.
وسط هذه الكمية من الحقد والكراهية تلوح لليمنيين يد تحاول انتشالهم من المستنقع الذي رمتهم فيه الميليشيات الانقلابية.
رحلة لتأمين الحياة تخوضها الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام وسط موت يترصدهم في كل ثانية. لكن رغم التحديات، يتمسك عاملو مسام بأداء مهمتهم على أكمل وجه.
وقد تمكنوا منذ الثالث من أكتوبر ولغاية الـ30 من ذات الشهر من إزالة 7476 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منها 1254 خلال الأسبوع الرابع منه. وهو ما جعل إجمالي ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع يرتفع ليبلغ 195271 فيما قدرت المساحة المطهرة خلال ذات الفترة ب 15.776.230 مترا مربعا.
تستمر الألغام الحوثية في القتل والأذية وتدمير الحياة والأرزاق، وتستمر معها جهود فرق مسام لإبعاد شبح الموت عن المدنيين الأبرياء وتأمين البلاد والعباد. لكن لتحقيق هذا الهدف يحتاج إلى للوقوف في وجه هؤلاء المخربين وإجبارهم عن الكف عن نثر وهذه البذور القاتلة في ربوع اليمن.