الأخبار
لا شك أن وجود أكثر من مليون لغم على الأراضي اليمنية يعد مشكلة كبيرة لهذه الدولة لأن إزالة ونزع هذه الألغام ليس بالأمر الهين، فهي تحتاج إلى جهود كبيرة ومبالغ مالية طائلة فضلا عن توفير المعدات الفنية اللازمة والكوادر البشرية القادرة على القيام بهذه المهمة.
هذا القاتل الصامت تسبب على مدار سنوات في خسائر بشرية كبيرة مما لفت الانتباه العالمي لفداحة استخدام الألغام لذلك ومنذ نهاية السبعينات بدأ النظر إلى الألغام الأرضية بوصفها تمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وتمخض هذا عن سن معاهدة دولية سنة 1980 برعاية الأمم المتحدة هي معاهدة الأسلحة التقليدية مفرطة الضرر وعشوائية الأثر والتي تقيد استخدام الألغام وتنص على خطر استخدام الألغام الأرضية ضد السكان المدنيين وحظر الاستخدام العشوائي لها واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية السكان المدنيين من آثارها علاوة على النص على ضرورة تسجيل مواقع حقول الألغام.
هذه البنود تم خرقها جميعها من قبل جماعة الحوثي التي لم تلتزم إلى حد اللحظة بأي اتفاق وقع التوصل إليه لحقن دماء اليمنيين والحد من الخسائر المادية. ولعل اتفاقية ستوكهولم ليست ببعيدة، حيث رمت بها هذه الميليشيات عرض الحائط، وتعقيبا على هذا الاستهتار بالاتفاق، قال المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد الركن تركي المالكي أن الميليشيا الحوثية الإرهابية مستمرة في مخالفة اتفاق ستوكهولم وخرق وقف إطلاق النار بالحديدة، حيث تواصل اتخاذ هذه المحافظة مكانا لانطلاق الأعمال العدائية والعمليات الإرهابية بإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار إضافة إلى إطلاق هجمات القوارب المفخخة والمسيرة عن بعد ما يمثل تهديدا حقيقيا للأمن الإقليمي والدولي وتقويضا للجهود السياسية.
هذا ويواصل هؤلاء المتمردون مخالفة القانون الدولي الإنساني باتخاذ مناطق مأهولة بالسكان مكانا لزرع كميات هائلة من الألغام لحصد المزيد من الأرواح في خطوة انتقامية ولمنع قوات التحالف من التقدم إضافة إلى اتخاذ المدنيين كدروع بشرية لنشاطاتها الإرهابية.
لكن مشروع مسام أصبح يمثل شوكة مغروزة في ظهر هذا التنظيم حيث أفشل ما تصبو إليه هذه الميليشيات وذلك نتيجة تدخل فرقه ونزعها لكميات هامة من الألغام وتخليص بعض المناطق من خطرها وهو ما لم يرق للحوثيين الذين قاموا بتوجيه جملة من التهديدات للعاملين والمشرفين على المشروع قصد ترهيبهم وثنيهم عن القيام بعملهم في خطوة يائسة لم تؤت بثمارها بفضل إيمان كل فرد في المشروع بنبل الرسالة التي يؤديها و ببعدها الإنساني.
وفي هذا الصدد، أعرب وزير الخارجية المصري الأسبق،عضو البرلمان العربي معالي محمد العرابي في تصريح خاص بموقع مشروع مسام الإلكتروني عن تقديره لهذه المبادرة الحريصة على تأمين حياة الشعب اليمني وعلى إبعاده عن الآثار الجانبية لأي نزاع مسلح على الأراضي اليمنية معتبرا أن مجرد التفكير في هذا المشروع يمثل قمة الإنسانية وذلك لأن المملكة العربية السعودية بقيت حريصة على سلامة شعب اليمن وهو ما رفع من قيمة هذا المشروع وكذلك من قيمة السياسة السعودية في التعامل مع هذه القضية الشائكة.
وبمتابعته لحرب الحوثيين العبثية، دعا العرابي إلى دعم هذه القضية بقوله “يجب على كل العالم أن يقف إلى جانب هذه القضية وأن يتصدى لأعمال جماعة الحوثي التي أعتقد أنها في النزع الأخير وما تقوم به ما هو إلا عمل يائس حتى تشعر بأنها تحقق بعض التقدم على الأرض الذي لن يفيدها في المرحلة المقبلة”.
وأردف قائلا “آن الآوان لنؤكد تأييدنا لهذا المشروع ونحشد جميع الجهود الدولية والعربية والإقليمية خدمة له فهو في النهاية يحمي الإنسان العربي والإنسان اليمني وأظن أن حماية أبناء البلد من خطر الألغام هو هدف أي رئيس أو زعيم عربي”.
ولم ينس الوزير العرابي الإشارة إلى أن هذه الآفة مازالت تربض منذ الحرب العالمية الثانية إلى الآن في بعض المناطق المصرية حيث حرمت أبناء البلد من جزء كبير من موطنهم مما أثر كثيرا على التنمية في تلك المنطقة وعمق من معاناة الدولة والأفراد وهو ما جعل المصريين يقدرون مجهودات مشروع آملا أن تنمو هذه النواة وتتوسع لتشمل أراضي عربية أخرى في الفترة القادمة.
من أبسط حقوق الإنسان هو حقه في الحياة التي يجب أن يعيشها في أمان وسلام دون التعرض لأضرار أو قتل أو ترهيب وهو ما يسعى المشروع السعودي لتحقيقه لذلك وجب دعمه. فحق الحياة مكفول قانونيا ودينيا بالتالي فإن هذه العبارة لها قيمة إنسانية عالية كشفت عن الوجه القبيح لهذه الجماعة وهو ما يجعلنا نقف مطولا أمام الواقع الذي نعيشه.