الأخبار
في أهم وأكبر مديريات محافظة تعز من حيث المساحة، غطت الألغام المزروعة 85% من مساحتها، متحولة بذلك إلى مصيدة قاتلة لليمنيين وحجر عثرة أمام عودة النازحين إلى منازلهم ومزارعهم لأكثر من عام، حيث تقطعت السبل وضاقت الخيارات على المدنيين الى أبعد الحدود.
والنتيجة الحتمية لهذا الوضع الكارثي، كانت عبارة عن تنوع في الإصابات، وتعدد في الضحايا في الطرقات العامة والقرى والأراضي الزراعية والسواحل، فالألغام حولت تلك الربوع الموبوءة بالإرهاب المدفون تحت الأرض إلى حقول مفتوحة للموت، حيث بالكاد تدور عقرب ساعة الحياة في قرى ومناطق مديرية ذباب، حتى يخيل أحيانا أنها متوقفة تماما.
وأمام هذا الوضع الإنساني الكارثي ونظرا لأهمية مديرية ذباب الاستراتيجية، أعطت إدارة مشروع مسام الى مديرية ذباب أولوية واهتمام كبيرين لانتشالها من مستنقع الألغام، حيث كلفت إدارة مسام 6 فرق هندسية لمباشرة العمل لتأمين المديرية وتطهيرها من الألغام المزروعة في السواحل ومرافئ الصيادين ومنازل ومزارع المدنيين والطرقات الرئيسية والفرعية على امتداد مساحة المديرية التي تقارب 1557 كيلومتر مربع.
ووفقا لمشرف فرق مسام الهندسية في محافظة تعز، المهندس عارف القحطاني، تمكنت فرق مسام من تأمين 30٪ من مساحة مديرية ذباب، وقد شملت المناطق السكنية والزراعية والطرقات الرئيسية والفرعية ومرافئ الصيادين وغيرها من المناطق الحيوية المرتبطة بحياة المدنيين ومصادر عيشهم.
وقد ذكر القحطاني في تصريح خاص بمكتب مسام الإعلامي أن مديرية ذباب تعد من أهم مديريات محافظة تعز كونها تحتوي على أهم مضيق مائي في العالم وهو مضيق باب المندب، مشيرا إلى أن ذباب تتميز بتنوع جغرافي فريد، وهذا التنوع هو السبب الرئيسي لتلغيم المديرية بجميع الألغام والعبوات الناسفة الفردية منها الأرضية.
وفي هذا السياق، أفاد القحطاني أن حرص مشروع مسام على حياة الإنسان اليمني وتطهير أراضيه من آلة الموت التي خطفت حياة الآلاف من المدنيين، جعل إدارة المشروع تكلف 6 فرق هندسية للعمل في مديرية ذباب وهي الفريق 17، 19، 21، 24، 28،29، حيث تمكنت هذه الفرق منذ انطلاق عمل المشروع من تأمين مناطق ومساحات شاسعة تتجاوز الـ30٪، مشيرا إلى أن عملية تأمين ذباب بشكل كامل من الألغام تحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد نظرا لكثافة الألغام وعشوائية زراعتها والمساحة الكبيرة والشاسعة الملوثة بها.
كما نوه القحطاني أن أهم المناطق التي تم تأمينها من الألغام في مديرية ذباب هي مركز المديرية ومنطقة باب المندب ومنطقة العمري، والجعشة، ومنطقة حوزا، ومنطقة حرحر، ومنطقة السيمن، ومنطقة السعيدي، ومنطقة الحنيشية، ومنطقة الكدحة وغيرها من المناطق والقرى الآهلة بالسكان.
وقد أكد القحطاني أن الحياة عادت من جديد إلى جميع المناطق التي وصلتها أيادي مسام وتمكن الصيادين، وهم النسبة الأكبر من مواطني مديرية ذباب، من ممارسة أعمالهم بعد أن طهرت فرق مسام سواحل ذباب ومرافئ الصيادين فيها.
وعن المآسي التي خلفتها الألغام في مديرية ذباب والمعاناة التي تكبدها المواطنين بسبب الألغام، يصف الشيخ محمد صالح الجامعي، وهو أحد وجهاء مديرية ذباب تلك المعاناة بقوله “من لم يمت بالألغام عاش معاقا مبتور قدماه أو إحداهما والآخر ترك منزله وبلدته وغادر بحثا عن مكان آمن يعيش فيه بعيداً عن الخوف والبعض الآخر ترك مزرعته ومصدر رزقه ليبحث عن مصدر رزق آخر يستطيع الحصول عليه دون رعب وخوف”.
وقال الشيخ محمد الجامعي لمكتب مسام الإعلامي إن الصيادين وهم الغالبية في ذباب كان نالهم النصيب الأكبر من جرائم الألغام التي زرعت في السواحل ومرافئ الصيد وتسببت في عزوف غالبية الصيادين عن ممارسة أعمالهم خوفا من أن تطالهم فخاخ الموت البرية منها والبحرية، مضيفا بأن الحيوانات أيضا لم تسلم من ضرر الألغام الحوثية، وأصبحت المئات من أغنام وأبقار المزارعين أشلاء متناثرة وحتى البيئة والبنية التحتية من طرق إسفلتية وغيرها تضررت من الألغام.
كما أضاف الشيخ محمد الجامعي قوله “كنا شبه محاصرين نعيش في خوف وقلق حتى وصلت فرق مسام الهندسية لتفتح لنا الطرقات، وقامت بتأمين القرى السكنية والمزارع والساحل، وأعادت لنا الأمان في منازلنا ومصادر عيشنا. ففرق مسام بذلت جهودا كبيرة ومازالت مستمرة في مهمتها الإنسانية لتأمين الأرض والإنسان من خطر الألغام بكل تفان وإخلاص، ونحن ندعو هذه الفرق الخيرة إلى الاستمرار في عمليات نزع الألغام كون مديرية ذباب لازالت ملوثة بالألغام بشكل كبير، ومازال خطر الألغام قائما