انتهت معركة تحرير بعض المدن اليمنية من سيطرة جماعة الحوثي. لكن الموت الذي خيم على مدار الفترة الماضية على تلك المناطق يأبى أن يفارقها. فالحوثي غادر الأرض لكنه ترك عليها رسائل الموت الخفية على شكل ألغام وزعت بشكل عشوائي.
تشكل هذه الآفة تهديدا خطيرا، حيث تضاعف بعد إمعان هذه العصابة في عربدتها. إذ لم تكتف بسرقة سعادة اليمن بالحرب التي ترتكبها بل وصلت لتكون أول مهدد لاستمرار الحياة.
لم تجن أرض اليمن، وفي مقدمتها صنعاء، من جغرافيتها سوى تحولها إلى كبرى مزارع حقول الألغام في العالم.
فالألغام قتلت أعداد لا تحصى من المواطنين وأصابت الآلاف بإعاقات دائمة وبتر أطراف وعجز كلي عدا عن تسببها في إعاقة إعادة الإعمار في المناطق المحررة.
إن ذكرى الانقلاب هي ذكرى سوداوية في تاريخ اليمن لكنها ليست الأولى بل هي امتداد وثيق لتاريخ الإمامة والنكبات التي أحدثوها في حق اليمنيين. جرائم الحوثيين حولت اليمن إلى سجن كبير وجعلت من صنعاء “عاصمة دون ملامح” في وقت بات فيه الفقر والمرض والموت جزء من حياة اليمنيين اليومية.
فالانقلاب مثل أكبر كارثة في تاريخ اليمن الحديث نظرا لمستوى الدمار الذي خلفه ومازال سيخلفه، والذي نجم عنه تدمير ما أنجزته الجمهورية على مدى 50 عاما من عمرها، ليتحول اليمن في ظل وجود هذه الحركة الإرهابية إلى الدولة الأضعف والأفقر في العالم.
هذا الانقلاب شوه الحاضر والمستقبل. فعشرات الآلاف من علب الحقد متمترسة اليوم في جل المناطق التي مرت بها ميليشيات الموت والدمار في طول البلاد وعرضها مخلفة خرابا وقصصا من الآلام لا تنتهي. ضحاياها من الأطفال والنساء والرعاة والمزارعين الذين لا ذنب لهم إلا أنهم خلقوا على أرض وطن مليء بالنكبات.
ورغم استخراج العديد منها إلا أنه لا زلنا نسمع عن انفجارها في أحد الرعاة أو المدنيين أو حتى المواشي بين فترة وأخرى.
لقد بات هذا البلد المكلوم يغرق في مكامن الموت مما جعله يودع جثامين أبنائه واحدا تلو الآخر ويدفن معهم حلم تأسيس دولة مدنية.
هذا الوضع، دفع مشروع مسام إلى تكثيف تدخلاته وتجنيد خبراته وإمكانياته لتسريع عملية إزالة هذا الإرث القاتل حتى يتسنى له إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأبرياء خاصة مع ورود معلومات عن انفجار لغم على غرار ما حدث بمديرية باب المندب أين كلفت 4 فرق بتأمين وتطهير ساحل منطق العرضي بعد تلقي بلاغ مفاده مقتل مدني وإصابة آخرين في انفجار لغم مضاد للدبابات.
وتعتبر أعداد الألغام المنزوعة خير دليل على ما تبذله فرق مسام الهندسية من جهود لإعادة ما سلب من اليمنيين.
وفي سياق متصل، تمكنت فرق مسام في محافظة شبوة من تأمين أغلب المناطق الزراعية التي تعد المصدر الرئيسي لمعيشة المواطنين مما مكن السكان من استئناف زراعتها بأمان.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع الألغام تم نزعها من المزارع والطرقات العامة والمساكن والمدارس.
إن جماعة الحوثي تهدف بهذا العمل الإجرامي إلى تقويض أسس وإضعاف قدرة اليمنيين على الصمود لكنها لا تعلم أن لكل ظالم يوم ستهتز فيه الأرض من تحت أقدامه وسيهوي ويضمحل غير مأسوف عليه.