الأخبار
من المفترض أن تنتهي الحروب حالما يتوقف القتال، لكن هذا لن يحدث في اليمن لأن الألغام ستستمر في قتل اليمنيين وتشويههم لسنوات طويلة. لقد خلفت الألغام ومازالت ستخلف معاناة مروعة لأبناء هذا الشعب. ففي حالة النجاة من الموت، لا يخلو الأمر من بتر أحد الأطراف والخضوع لعمليات عديدة وإعادة تأهيل بدني طويل الأمد.
وتعاني الضحية في الكثير من الأحيان من إعاقة دائمة تنطوي على تبعات اجتماعية ونفسية واقتصادية جسيمة خاصة إن كان المصاب معيل الأسرة.
وعادة ما يكون المدنيون الأشد تعرضا لمخاطر الألغام والعبوات الناسفة من نساء ورجال وأطفال خاصة المشاركين منهم في أنشطة كسب الرزق مثل الزراعة ورعي الماشية وجمع الحطب وجلب الماء.
فبسبب الحاجة ليس أمامهم خيار سوى التوجه إلى أماكن قد تكون محفوفة بالخطر لاسيما وأن الميليشيات الحوثية لم تترك مكانا إلا وطمرت فيه شياطين موتها. كما يمكن أن يقع الأطفال فريسة لهذه الآفة أثناء لعبهم، فقد أبدعت هذه الجماعة الإرهابية في تمويه قاتلها الصامت حيث جعلته يتنكر في أزياء مختلفة مثل لعب الأطفال والأحجار الملونة.
وما قصة الطفلة تهاني عبدالله جربجي البالغة من العمر 14 عاما، إلا مثال بسيط لما يحدث لأطفال اليمن، فقد سلبت عبوة ناسفة حياتها أثناء محاولتها جمع الحطب من إحدى المزارع شمال شرق مدرسة علي بن أبي طالب بعزلة بني فائد بمديرية ميدي.
فيما تواجه النازحة اليمنية زبيدة أحمد في منطقة الجعدة شمال محافظة حجة أوضاعا إنسانية صعبة بعد فقدان نجلها والعديد من مواشيها بانفجار ألغام زرعتها ميليشيا الحوثي.
وتحاصر الألغام آلاف النازحين في المناطق المحررة شمال حجة وتمنعهم من مزاولة أعمالهم، كما أنها تتسبب في سقوط ضحايا وخاصة في صفوف الأطفال إضافة إلى نفوق المواشي.
أما في مدينة الحديدة فقد أدى انفجار لغم إلى مقتل الطفل وجدي عبدالله ذي 13 ربيعا وإصابة الطفل صادق عبدالله بجروح بليغة وذلك أثناء توجههما لرعي الأغنام.
وتعد كل ضحية جديدة للألغام تذكيرا قويا بالحاجة الماسة والعاجلة لإزالة الألغام وبالمسؤولية الجماعية للمجتمع الدولي عن نزع هذه الأسلحة البغيضة من الأراضي التي زرعت فيها. وقد كشفت الأمطار والرياح في محافظة الحديدة عن تلك المتفجرات عندما جرفتا الرمال التي تتوارى تحتها، وهو ما سهل عملية اكتشاف حقل ألغام وتفكيكه من قبل الفرق الهندسية التابعة للقوات المشتركة.
وأفاد مصدر أن الميليشيات الانقلابية كانت قد زرعت حقولا واسعة من الألغام والعبوات الناسفة بمختلف أشكالها وأحجامها في مساحات منتظمة وأخرى عشوائية بمناطق متفرقة من الحديدة.
فيما نفذ الفريقان 17 و30 التابعان لمشروع مسام عملية إتلاف وتفجير لـ1751 لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة في مديرية الوزاعية، وهي العملية 12 في الساحل الغربي منذ أن بدأ المشروع عمله هناك حتى الساعة، ليرتفع بذلك إجمالي ما تم إتلافه في مديريات الساحل إلى 69506 تنوعت بين ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة.
وللتذكير فإن مشروع مسام يعمل في اليمن للعام الثاني على التوالي في المحافظات اليمنية التالية: مأرب، شبوة، الجوف، عدن، تعز، لحج، الحديدة وصعدة. وقد تمكن من نزع 125902 لغما وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة وذلك منذ انطلاق المشروع ولغاية 23 من يناير الجاري.
إن المعاناة التي تسببها الألغام مفزعة إذ يعتبرها الجراحون من بين أسوأ الإصابات التي يتعين عليهم علاجها. لذلك وجب إيقاف هذا النزيف الحاصل في الأرواح وحماية الأجساد من بطش هذه الأسلحة المقيتة.