الأخبار
عرف المبدأ السادس من مبادئ محاكمات نورمبرج الجرائم الدولية بأنها “القتل، الإبادة، الاسترقاق والإبعاد، وكل فعل آخر غير إنساني يرتكب ضد أي شعب مدني قبل أو أثناء الحرب، وكذلك أفعال الاضطهاد المبنية على أسباب سياسية أو عرقية أو دينية، متى كانت هذه الأفعال أو الاضطهادات ترتكب تبعا لجريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو كانت ذات صلة بها”.
هذا التعريف ما هو إلا ملخص لما تقوم به ميليشيات الحوثي في اليمن من انتهاكات وجرائم بحق المواطنين خاصة من خلال زراعتها لكميات هائلة من الألغام التي تبقى الهاجس الأكبر لأبناء المناطق هناك حيث أودت بحياة المئات وأسفرت عن إصابة الآلاف ومازالت تتربص بالبقية، فهي تغطي مساحات شاسعة من اليمن لذلك بإمكانها قتل المدنيين أو تشويههم لعقود قادمة كما تفعل في أفغانستان وكولومبيا وكمبوديا.. وقد عبر لورين بيرسي فيسينتك من منظمة Landmine Monitor المستقلة عن ذلك بقوله “لقد بلغت المشكلة مستوى استثنائيا ولها مردود شنيع.. إن معظم الخسائر البشرية التي نراها في التقارير هي من المدنيين”.
فقد زرع الحوثيون ما يزيد عن مليون لغم أي أكثر من لغم لكل 30 مواطن يمني وهو أعلى تركيز للألغام منذ الحرب العالمية الثانية مما جعل سكان هذه المناطق يمشون بحذر شديد والرعب يملأ قلوبهم خوفا من انفجار إحداها حتى لا يلقوا نفس المصير الذي واجهه العديد من الضحايا.
هذا الفزع لخصه طفل يمني بقوله “باتت المنطقة كلها ملغومة في عيني، فأخشى أن ألمس شيئا فأمشي وأنا أراقب قدمي”.
فالقوى الانقلابية في اليمن أتت على الأخضر واليابس فدمرت وقتلت واعتقلت وشردت، إضافة إلى إقدامها على صناعة الألغام وزراعتها بطريقة عشوائية لاستهداف المدنيين العزل لذلك يسعى مشروع مسام إلى تطهير الأراضي اليمنية كافة من مخلفات الألغام والذخائر غير المنفجرة التي أودت بحياة الأطفال والنساء والشيوخ دون رحمة أو شفقة.
فقد أكد قائد فريق المسح الفني بالساحل الغربي العقيد حسان الجهوري أن المناطق في الساحل الغربي مناطق موبوءة ومكسوة بالألغام مضيفا أن فريق مسام هناك تمكن من تطهير وتأمين حياة الناس في 86 منطقة إذ تم نزع الألغام من منازل المواطنين ومزارعهم ومدارسهم وطرقاتهم الأمر الذي أدى إلى عودة النازحين إلى مناطقهم آمنين.
وذكر العقيد أن ألغام الحوثيين في مديرية المخا فقط تسببت في سقوط أكثر من 56 مدني بين قتيل وجريح علاوة على فقدان آلاف المواطنين لمزارعهم ومنازلهم وآبار المياه الخاصة بهم منوها بدور فرق المشروع التي بفضلها استطاع السكان العودة وممارسة حياتهم بشكل آمن.
وكشف العقيد حسان أن فرق المسح الفني في منطقة الرمة أزالت 156 لغما من الحقل رقم 4 المقدرة مساحته بـ53 ألف متر مربع، هذا ومازال العمل مستمر هناك بغية استخراج ما تبقى من ألغام مبينا أن إجمالي ما نزعته فرق المشروع السعودي بالساحل الغربي والبالغة 14 فريقا قدر بـ60 ألف لغم وعبوة ناسفة.
وأشار إلى أن الفرق الهندسية ركزت منذ وصولها على المناطق عالية التأثير أي المناطق المتعلقة بحياة اليمنيين ومصادر دخلهم وكذلك الطرق المؤدية إلى مزارعهم ومدارسهم ومساكنهم نذكر منها الزهاري، الرمة، يختل، المراوشة، نوبة عامر، نوبة علاية، ومدينة المخا وغيرها من المناطق ذات الكثافة السكانية.
وكان العقيد الجهوري قد أشاد بدور المواطنين الذين كانوا بمثابة النبراس للفرق، إذ لعبوا دورا هاما في إرشادهم إلى المناطق الملغومة وتزويدهم بالمعلومات داعيا أبناء المنطقة إلى الابتعاد عن الأجسام المشبوهة وتجنب الدخول إلى المواقع التي لم يتم مسحها وتطهيرها حتى لا يكونوا فريسة سهلة لهذه الآفة.
لقد حول هؤلاء الانقلابيون اليمن إلى أسوء كارثة على وجه الأرض وتبدو شواهدها ظاهرة في مختلف مجالات الحياة فهم يريدون رسم الألم والحزن على وجوه وأجساد أبنائه الذين يأملون في لفظهم خارج حدود وطنهم.