الأخبار
نالت الألغام من واقع وأحلام نساء اليمن إلى حد يدمي القلوب، فخسائر هذه الطبقة الاجتماعية من جراء فخاخ الموت بالجملة وجراحها غائرة إلى حد كبير وضريبة الصبر والألم مجحفة جدا بحق هذه الفئة الهشة.
قصص المرأة في اليمن من الألغام تحمل ألوانا من العذابات وصنوفا من الشقاء، فمنهن من فقدن أطرافهن وهن يرعين بيوتهن ومواشيهن ويقمن على خدمة عائلتهن، وهذه الحالة مأساة كبيرة لهذه الأم ولعائلتها برمتها، فتحول الأم إلى قائمة العجزة يعطل مسار حياة أسرتها ويدفع بها إلى الضياع، فتهدم ركن أساسي بالبيت يضعضع بنيانه إلى حد كبير.
ورغم هذه المرارة تواصل بعضهن الكفاح لإتمام المهمة كأم لعائلة إما زحفا أو على كرسي متحرك، وهذه المهمة الشاقة المعجزة المذيبة للقلوب تكشف قوة المرأة اليمنية وإصرارها على الحياة حتى في ظل استهدافها في جسدها وذاتها وحرصها على إنقاذ أسرتها ما دامت على قيد الحياة.
ومن نساء اليمن من فقد المعيل، الذي يكون هلك بسبب الألغام أو بقي على قيد الحياة، لكن في حالة عجز تامة عن العمل والحركة والعطاء، وفي كلتا الحالتين تشقى المرأة شقاء مريرا بعبء أسرتها، وهذه المسؤولية الثقيلة تحملها على كاهلها لوحدها في ظل ظروف قاسية مطوقة بالألغام والموت والجوع والفقر.
ومنهن من خسرت أبنائها، فلذات أكبادها بسبب الألغام، وهي تعيش اليوم الحسرة واللوعة وتكابر من أجل إكمال الحياة لكن جرحها الغائر لفقدها أحد أبنائها يدمي قلبها ويمرر طعم الحياة عندها ويجعلها لا ترى من حولها إلا ذكريات عاشتها مع الفقيد أو الفقيدة الذي أو التي هلكت غدرا بصور بشعة.
وهذه مأساة نفسية يصعب على أي أم في العالم تجاوزها خاصة وأن خطر الألغام مازال يذكرها أنها قد تخسر المزيد من الأحبة في أي لحظة.
كما خسرت نساء اليمن بسبب الألغام لبيوتهن وأراضيهن اللاتي عشن فيها ذكرياتهن مع أبنائهن وأجدادهن وأزواجهن، وخسرن روابط اجتماعية بعد أن زجت بهن الألغام في غياهب الشتات داخل وطن محاصر بالألغام، وهذا جرح آخر كبير ومؤثر ألحقته فخاخ الموت أيضا بالمرأة اليمنية التي ككل امرأة وأم يعنى لها الاستقرار والذكريات تركة معنوية ثمينة يصعب عليها فقدانها بهذه الطريقة القاسية.
ظلم الألغام لنساء اليمن سوف يخلده التاريخ ولن يفلت أصحاب هذه المظالم من المحاسبة في ظل وجود سواعد تذود عن المرأة اليمنية هذه المظالم وتسهر على ارجاع حقوقها المسلوبة لها وتطبيب آلمها وتسعى الى تخليصها من كابوس الألغام الذي مزق أسرتها وأحلامها.