الأخبار
صنيع الألغام في اليمن المنكوب بفخاخ الموت المتفجر يحبس الأنفاس وتضيق له الصدور النقية والضمائر الحية، فالموت في اليمن صناعة رائجة تبذرها الألغام بسخاء وبدم بارد دون رقيب أو حسيب يكبح جماح هرج ومرج هذا الإرهاب المدفون تحت الأرض.
فمتى يتوقف هذا المسلسل الدموي وتجف سواقي النقمة الحوثية، وينحسر منسوب الغدر ويغادر البؤس والظلم المتفجر هذه الديار، حتى يعود اليمن لحياته وتستعيد الحياة في تلك البقاع نبضها وحنينها المتدفق للبقاء؟.
هذا سؤال صدر مكلوم على الواقع اليمني المسكون بالألغام والغارق في بحار دماء الغدر في ظل صمت دولي مخجل وخذلان أممي مخز، فلولا هبة الجار الشقيق السعودي لمساندة اليمن في محنته مع الألغام لظل هذا الشعب الأعزل فريسة سهلة ومتاحة لفخاخ الموت المتفجر تنهش الأجساد ويحطم الأحلام ويطبق الخناق على أفق هؤلاء الناس الأبرياء.
لكن للأسف يبرهن الواقع اليمن ببالغ الأسى أن الارهاب المتفجر في اليمن مازال منتشيا بارتشاف دماء الأبرياء ومعرضا عن التوبة، فقد أفاد المركز الإعلامي لمحور الضالع القتالي نقلا عن سكان محليين قولهم، أن لغماً أرضياً مضاداً للدروع انفجر في جرَّار زراعي أثناء قيامه بحراثة أراض زراعية في منطقة الحقب جنوبي مديرية دمت شمال محافظة الضالع.
وقال السكان إن اللغم أدَّى إلى إصابة سائق الجرَّار بجراحٍ مختلفة، وتمَ نقله إلى أحد المشافي لتلقي العلاج، مشيرين إلى أن اللغم انفجر في الجرَّار الزراعي ما أدَّى إلى إحداث أضرار بالغة في مقدمته.
وفي هذه الحادثة، التي هي غيض من فيض الحوادث اليومية في اليمن بسبب هذه الألغام، خسر هذا المزارع البائس صحته ومصدر قوته في ضربة واحدة، وهذا ليس جديد على ألغام الحوثيين في هذه المناطق التي حصدت أرواح العشرات من الأبرياء، جراء زراعتها في أراض زراعية ودون خرائط.
ولعل الدليل الآخر على أن هذا الإرهاب مازال بعيدا عن نية التوبة، يتمثل فيما أفاد به الناطق الرسمي باسم ألوية العمالقة، مأمون المهجمي، حيث بين أن الميلشيا الحوثية خلال الساعات الماضية قامت بتوجيه مشرفيها الميدانيين وعناصرها المتخصصة بزراعة الألغام في الساحل الغربي بسرعة، مطالبة اياهم بإخراج الألغام من الأودية وعمل صيانة لتسليك العبوات التي جرى عليها السيل وإعادة زراعتها في أماكن المرتفعات الآمنة من السيول.
كما أضاف الناطق الرسمي باسم ألوية العمالقة، مأمون المهجمي أن المليشيات قامت بنقل كميات كبيرة من العبوات والألغام والتي لم يسبق زراعتها بعد من المزارع إلى بعض الوحدات الصحية والمدارس في مناطق غرب زبيد وفي منطقة الحسينية وبيت الفقيه.
كما زرعت ميليشيات الحوثي مئات الآلاف من الألغام الأرضية والعبوات الناسفة في الأحياء السكنية والطرق العامة وفي مختلف الأماكن التي اجتاحتها، مما يقف عائقا كبيرا أمام عودة المواطنين إلى مناطقهم المحررة وتنقلاتهم، إضافة إلى إزهاقها للأرواح.
ورغم هذا كله لا تتوقف هذه الميليشيات عن مزيد زرع ألغامها كل يوم وبطرق مختلفة حتى يكون صيدها وفيرا.
فاليمن يجثو اليوم على أكبر حقل للألغام في العالم، وهو يواجه بسبب جائحة الألغام أحلك حقبة في تاريخه، والتي يعمل مشروع مسام جاهدا على أنقاض المجتمع اليمني البريء من براثنها.