الأخبار
يلوح الموت والخوف والألم بقوة في محافظات اليمن حيث لايزال الموت يوزع مجانا على المئات إن لم نقل الآلاف من أبنائه بسبب الألغام المتناثرة في ربوع هذا البلد، والتي حصدت إلى الآن مئات الضحايا.
تبدو تفاصيل المأساة القادمة من خلف ركام الانقلاب، الذي قام به الحوثي، مرسومة على جسد الشاب منصور أحمد الذي أردته للألغام مقعدا حبيس كرسي وهو الذي لم ير من الحياة شيئا سوى جانبها المظلم.
قصة هذا الشاب الذي لبى نداء وطنه ليذود عنه تختزل مآسي العديد من أبناء اليمن ممن فقدوا أطرافهم وعادوا إلى أهاليهم عاجزين عدا عمن فقدوا حياتهم.
ففي الوقت الذي كان اليمن يرتجي الشفاء من هذه العلة اللعينة التي لازمته بسبب صراعات النصف الأخير من القرن الماضي والتي ظل عددها يتضاعف مع كل حرب جديدة، أتى الانقلاب الحوثي وهو الفصل الأخطر من تاريخ البلاد لتنتشر آلاف الألغام المضادة للأفراد والآليات بنسب متفاوتة في جميع المناطق. فقد عمد هؤلاء المتمردون منذ سيطرتهم على صنعاء وإلى حد اللحظة إلى إغداق الأراضي التي يخسرونها بالألغام والمتفجرات لإسقاط مزيد من الضحايا إرضاء لنفسيتهم المريضة.
وكانت الألغام المزروعة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرقات وحتى في المدارس والجسور قد تسببت في إصابة آلاف الأشخاص وقتل نحو 140 مدنيا على الأقل في محافظتي الحديدة وتعز فقط خلال الفترة الممتدة من 2018 إلى أبريل 2019 بينهم 19 طفلا، وذلك وفق موقع “مشروع رصد الأثر المدني”.
هذا ووثقت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية منذ سبتمبر 2014 وحتى بداية سبتمبر 2018 مقتل نحو 1593 مدنيا بينهم نساء وأطفال بألغام الميليشيات الحوثية.
ولم تنحصر مأساة الألغام التي زرعتها عناصر الميليشيا على القتل والتشويه، وإنما تعدتها إلى عقوبة مضاعفة تمثلت في حرمان السكان من سبل رزقهم بعد أن اضطروا لهجر حقولهم الزراعية التي صار الموت يفوح من كل ركن فيها.
لقد طمر الحوثيون -حسب تقديرات خبراء تفكيك الألغام في ظل عدم توفر خرائط- أكثر من مليون لغم ومقذوف.
ونتيجة لغياب ما يستدل به على أماكن هذه الشياطين، تعتمد فرق مسام غالبا على التنبؤ بحقول الألغام كلما وقع انفجار قريب أو بناء على إرشادات المواطنين فضلا عن معلومات صادرة عن الجهات الحكومية الرسمية.
هذا ولم يتوقف العاملون بالمشروع عن القيام بواجبهم الإنساني بل ازداد إصرارهم وتنامت عزيمتهم مع تصميم هذه الجماعة على تفجير البلاد وسلب حق الحياة من سكانه. وقد تمكنوا من إنقاذ 178541 فردا وهو عدد الألغام والذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة التي تم إزالتها منذ انطلاق المشروع ولغاية السابع من أغسطس الجاري كما استطاعوا تطهير 12.694.128 مترا مربعا من الأراضي اليمنية خلال ذات الفترة.
مشروع مسام يجتهد ويثابر لإنقاذ أرواح مهددة بغض النظر عن الظروف القائمة باليمن. فرغم العراقيل التي واجهها المشروع مثل طبيعة الأرض والبعد الجغرافي والوضع الأمني العام، لم تتوقف فرقه يوما عن العمل إيمانا بحق كل إنسان في الحياة والأمن.