الأخبار
لا تكاد تنقطع أخبار مآسي الألغام في اليمن، فهذا مزارع لقي حتفه على تخوم أرضه، وتلك امرأة هلكت على حافة بئر، وذاك طفل قطعت أطرافه بعد انفجار لعبة ملغومة استباحت طفولته، وذاك صياد رحل رحلته الأخيرة في قاربه لجلب الرزق لذويه، فلم يعد منه إلا بقايا أشلاء له ولقاربه المحطم الذي تقاذفته الأمواج وأخبرت ذويه بمصابه، وذاك طالب كان يحلم بأن يواصل تعليمه العالي فقطع لغم مشوار حياته وحطم طموحه العلمي وأرداه مقعدا شبه كفيف في كرسي متحرك، وتلك عجوز فقدت معيلها الوحيد في الحياة بسبب لغم غادر وظلت وحيدة نديمة الحسرة واللوعة تجالس العبرات.
قصص لا تكاد تنتهي ومآسي بالجملة تدمي القلوب وتزرع اللوعة في النفوس وتتداعى لها الضمائر الحية، فما ذنب كل هؤلاء وغيرهم من الأبرياء الذين “تصطادهم” الألغام بكل بدم بارد وتوزعهم بين العجز والهلاك وبين الإعاقة والموت. فلا تكاد تخبو آلام وحسرات اليمنيين بسبب فخاخ الموت المتفجر، حتى توقظها واقعة جديدة في منتهى الدموية.
ومؤخرا لقي يمني يدعى علي يوسف علي حتفه بينما كان يقود شاحنته في الطور، حيث مر في طريق ترابي ملغوم، فانفجر أحد الألغام المزروعة بالعجلة الأمامية للشاحنة.
وتسبب انفجار لغم مضاد للعربات في استشهاد المواطن علي سماح، الذي تمزق جسده إلى أشلاء، بينما تحولت الشاحنة من الأمام إلى كومة من الحديد المدمر.
كما تسببت ألغام الحوثيين المزروعة بكثافة وبشكل عشوائي في طريق المدنيين في مديريات الساحل الغربي، في سقوط المئات، خاصة الأطفال والمزارعين والسائقين، الذي باتوا يدفعون بشكل مستمر كلفة باهظة لهذه الأعمال العدوانية الحوثية، التي جعلت اليمن أكبر دولة ملغومة في العالم.
واقع مرير أثخن اليمنيين بالجراح، لكنه على مرارته لم يكسر فيهم إرادة الحياة والرغبة في البقاء والاستمرار، فحقهم في الحياة يدفعهم إلى المضي قدما والإصرار على تلمس طريقهم على الأرض التي أحبوها، حتى تعود كما كانت آمنة معطاءة ومحبة لهم أيضا.
إرادة عززها وجود مسام بفرقه المقدامة والمضحية إلى صف هؤلاء الأبرياء في إطار مهمته الإنسانية البحتة في اليمن والمتمحورة حول نزع الألغام من تلك الربوع، فأمل اليمنيين في استعادة يمنهم السعيد كبيرة، ومثابرة مسام على الأرض لأجلهم تعزز فيهم هذه الأمنية، فهم يعتبرون أن مسام منبع أملهم الوحيد في طي صفحة الألغام نهائيا وتمزيقها من دفاتر حياتهم، وهم يشدون على أكتاف وأيادي عناصر أسرة مسام، الذي لا يدخر جهدا في سبيل دحر الألغام وكسر شكوتها للأبد.