الأخبار
الحزن يملأ كل بيت في اليمن، والبكاء والعويل يصمان الآذان لا يخفيه إلا صوت التفجيرات التي تهز أركان القلوب والبلد. حرب عبثية تدور رحاها على أرض دولة لم يرتكب شعبها أي ذنب سوى أنه حلم بتأسيس وطن يتمتع مواطنوه بالحرية والعدالة والكرامة. لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث قضى على حلمه كابوس وأقض مضجعه وحول لون الحياة إلى سواد قاتم.
كابوس وضع بصمة دم في كل زاوية في اليمن، وتسلل بدهاء إلى الواقع ليجثم على صدور أبناء هذا البلد الجريح. خمسة أعوام ونيف، والشعب اليمني يعاني شتى أنواع الهرسلة لكنه أظهر صبرا وصمودا رغم المعاناة والكوارث التي حلت به جراء ظهور ما يسمى بالميليشيات الحوثية.
وما زاد الطين بلة هو إقدام هذه الجماعة المارقة على زراعة الألغام بأعداد كثيفة وفي مختلف المحافظات، إذ لا يكاد يخلو شبر من هذه الرقعة الجغرافية من علب الموت. بهذا التصرف لاح جليا للعالم أن هؤلاء الانقلابيين يستهدفون المدنيين بصفة مباشرة وهو ما يعتبر جريمة حرب. فهذا السلاح المحظور اعتمدته الميليشيات بدرجة أولى للانتقام من اليمنيين الذين ضاقوا ذرعا من وجودها ويصرون على قطع دابرها من اليمن.
إذ لم يكن مشروع هذه الجماعة قائما على كيفية بناء دولة بل كان قائما على كيفية تقويض بلد وتدمير أرض وقتل بشر وتشريد ناس وسرقة أحلام، لذلك ستبقى ذكرى ظهورهم على الساحة اليمنية تمثل تاريخا أسودا في ذاكرة كل يمني مدى الزمن، فقد سعوا إلى فرض شرعية القوة والسلاح وإلغاء شرعية الصندوق التي يحكمها المواطن.
فما كان من المفترض أن يكون بداية لبناء البلاد حوله الحوثيون إلى بداية لتدمير وإسقاط اليمن وتنفيذ أجندتهم، ما دفع الحوثيون إلى النزول من جبال صعدة لاجتياح العاصمة صنعاء هو الطموح الحوثي المستمر للحكم معززا بشعور طائفي استغلته إيران من أجل بسط سيطرتها على المنطقة.
ولإرضاخ اليمنيين لإرادتهم نفثوا سمومهم في الأرض من خلال زراعة الألغام لترهبهم وتحاصرهم وتركعهم لرغبتها الجامحة في الحكم، وهو ما جعل اليمن أكثر دولة ملغومة في العالم والسير على أرضها أشبه برحلة موت.
وما حصل في مديرية خب والشعف بمحافظة الجوف ما هو إلا مثال بسيط لما يعانيه المواطن اليمني يوميا، فقد قتل 3 مدنيين وأصيب 13 آخرين بانفجار لغم أرضي حوثي بسيارة أثناء مرورها من أحد الطرق في منطقة قيسيين.
ولطالما كان للطفولة النصيب الأوفر من المعاناة وهو تماما ما تبينه قصة الطفلة إلهام علي محمد الساحلي البالغة من العمر 7 أعوام والتي كانت متوجهة على متن حمار لجلب الماء ليباغتها لغم ويسلبها ساقيها ويحرمها من التمتع بطفولتها، فيما أصيب شقيقها الأصغر بجروح متفاوتة.
وفي محاولة لرأب الصدع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اليمنيين، يحاول مشروع مسام جاهدا إزالة أكبر قدر ممكن من الألغام التي نثرتها الأيادي الآثمة على التراب اليمني.
وقد تمكن مشروع مسام من نزع 397 لغم مضاد للدبابات و12 لغم مضاد للأفراد و914 ذخيرة غير منفجرة وعبوتين ناسفتين وذلك خلال الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر ليصل إجمالي ما تم نزعه خلال هذا الشهر إلى 7147 لغم وذخيرة غير منفجرة وليرتفع بالتالي مجموع ما وقع إزالته منذ بداية المشروع ولغاية 19 من الشهر الجاري 118541.
إن القضاء ومحاسبة الميليشيات الحوثية ووقف انتهاكاتها وقبحها وبشاعتها بات أمرا حتميا من وجهة نظر كل العقلاء حتى ينعم الشعب اليمني ولو بنزر قليل من الأمن والأمان في انتظار أن يتم تخليصه من التركة الثقيلة التي خلفتها الميليشيات الانقلابية والمتمثلة في الألغام.