الأخبار
لقد حطمت جماعة الحوثي جميع الأرقام القياسية في حرب الألغام والعبوات الناسفة. فهي لم تترك مكانا في اليمن إلا ووزعت فيه بذورها الشيطانية غير مكترثة بمصير الآلاف من المدنيين الذين ضيقت عليهم الألغام الخناق، وجعلت حياتهم كابوسا متواصلا. كل يمني يخاف أن يخونه الحظ يوما ليجد نفسه قد وقع فريسة لذلك القاتل الكامن في جوف الأرض.
الجنون الحوثي بزراعة الألغام جعل من اليمن البلد الأكثر انتشارا لها. فقد تصدرت قائمة الدول الأكثر حوادث لانفجار الألغام على مستوى العالم في العام 2018 فقط، وذلك حسب التقرير الصادر عن مركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية. وهو ما يشكل خطراً مستداما على حياة المدنيين.
إن جماعة الحوثي تعد واحدة من أمهر الجماعات في شن هجمات بـ”الألغام” و”العبوات الناسفة”، مما جعل عدد الضحايا يرتفع بطريقة سريعة. وشكل النساء والأطفال النسبة الأكبر من المتضررين الذين يتخطفهم الموت.
وباتت زراعة الألغام صفة تلازم الميليشيات الحوثية، فهي لا تزرعها دفاعا عن النفس بقدر ماهي سياسة ممنهجة لإيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا وخاصة في صفوف المدنيين كسياسة انتقامية لرفضهم الرضوخ لها والقبول بحكمها ومشاركتهم في دحرها من عديد المناطق وإلحاق خسائر في صفوفها، الأمر الذي دفعها لطمر كميات هائلة من الألغام في الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات والطرقات العامة والمزارع.
وغالبا يكون أغلب الضحايا من المدنيين العائدين لمنازلهم بعد أن شجعهم رحيل الميليشيات دون أن يعوا أن وسائل القتل لا تنتهي برحيل هذه الجماعة الإرهابية بل تظل بانتظارهم قابعة في منازلهم وأحيائهم لتعبث بأجسادهم.
إن الحوثيين يقتلون المدنيين بدم بارد ويتسببون بتشويههم باستخدام الألغام الأرضية، وتعد الألغام المضادة للأفراد سلاحا عشوائيا وجب عدم استعماله تحت أي ظرف خاصة وأن اليمن سبق أن وقعت على معاهدة حظر الألغام، لكن هذا كله رمت به هذه الميليشيات عرض الحائط وواصلت في طمر الموت في جميع أنحاء البلاد، الأمر الذي أسفر عن سقوط مئات الأبرياء.
ويعد الطفل أحمد منير أحمد قاسم أحد ضحايا هذه الآفة، حيث انفجرت فيه عبوة ناسفة عندما كان يلعب بها ظانا أنها لعبة وذلك في منطقة موسطة في مديرية الصلو جنوبي محافظة تعز.
وفي مكان غير بعيد أصيب المواطن منصور عبدالله عبده الذي بترت إحدى قدميه نتيجة انفجار لغم أرضي بمنطقة الشقب بمديرية صبر الموادم جنوبي شرق محافظة تعز.
وتحتل هذه المحافظة المرتبة الأولى في قائمة قتلى وجرحى الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها الميليشيات في أوقات سابقة في ضواحي المدينة ومديريات المحافظة. أما في محافظة أبين جنوب اليمن فقد سقطت عائلة كاملة بين قتيل وجريح في انفجار لغم أرضي في السيارة التي كانت تقلهم ما إن خرجت عن الطريق الرئيسي.
ارتفاع عدد الضحايا الناجم عن انفجار الألغام جعل مشروع مسام يكثف من مجهوداته ويعمل بنسق حثيث لتخليص اليمن من هذا الوباء. وقد تمكن إلى حد السابع من نوفمبر الجاري من إزالة 103737 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
ونفذ الفريق الأول بمشروع مسام عملية إتلاف وتفجير لـ179 لغم وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة في مديرية صراوح بمحافظة مأرب. وأكد قائد الفريق النقيب حميد بلحط أن عملية الإتلاف شملت 150 قذيفة غير منفجرة و25 لغما مضادا للدروع إضافة إلى 4 عبوات ناسفة.
وبهذه العملية يكون الفريق الأول بمشروع مسام قد نفذ 17 عملية إتلاف وتفجير لمئات الألغام والقذائف غير المنفجرة في محافظة مأرب.
ويحرص المشروع السعودي مسام على إتلاف ما يتم نزعه تنفيذا لتوجيهات المدير العام للمشروع السيد أسامة القصيبي بعدم نقل وتخزين الألغام وتدميرها أولا بأول حتى لا يعاد استخدامها من قبل جماعات إرهابية.
تترك الألغام الحوثية قصصا مأساوية ومعاناة يعيشها الضحايا وأسرهم. ولاتزال عديد المناطق اليمنية شاهدة على مئات حوادث انفجارات الألغام، أين مزقت أجساد الأبرياء وحولتها إلى أشلاء تاركة خلفها معاناة لا يمكن أن يمحوها الزمن بسهولة.