الألغام والعمل على قبر الحياة في اليمن

Screenshot 2024-02-11 005720

بكل طاقاتها وإمكانياتها ومكائدها ونزعتها الإنتقامية وتعطشها للدم والموت، مضت الألغام ومازالت في اليمن، في عملية مكثفة وموسعة وعشوائية للنيل من مختلف وجوه الحياة ومظاهرها وأسبابها في هذا البلد، وذلك باستهداف الإنسان اليمني في جسده وتجريده من حقوقه الأساسية في الحياة، وحتى من مرافق العيش وإطلاق يد علب الموت المتفجرة الغادرة عليه، أينما حل وكان، لتهلكه أو تعجزه وأو تدفعه للرحيل والعيش نازحا داخل أسواره وطنه المنكوب بالألغام.

وتعتبر لقمة العيش، من الأهداف الرئسية للألغام في اليمن، حيث حالت هذه العلب المهلكة للحرث والنسل بين اليمنيين والعديد من مصادر رزقهم مما أدى إلى تدهور حالة الأسر مادياً وانتشار الفقر.

وفي هذا السياق، بين المزارع اليمني أمين حيدر مقدار مأساة سكان منطقة الرمة بسبب الألغام، حيث قال “إن علب الموت المتفجرة منعتهم من زراعة مزارعهم، حيث بقي العديد منها بوراً وأسيراً للألغام، حتى قدوم فرق مسام للمنطقة وتطهير العديد منها، حيث عادت حركة الزراعة لسابق عهدها بعد تلاشي الخطر التي فقدت بسببها في هذه المزارع أخوين لي، واليوم عادت هذه المزارع آمنة بفضل جهود مشروع مسام حيث انتهت معاناتنا مع الجوع والنزوح”.

وفي هذا الصدد، قال حسان الجهوري، قائد الفريق 17 مسام، إن فريقه يعمل حالياً في منطقة الرمة التي هي عبارة عن منطقة زراعية، حيث توقف العديد من المزارعين عن نشاطهم الزراعي في مزارعهم خوفاً من الألغام التي تتربص بحياة الأبرياء.

وقد بين الجهوري أن مسام يعمل على قدم وساق من أجل تطهير هذه المنطقة من الألغام وتمكين أهلها من العودة مجدداً إلى مزارعهم ونشاطهم الزراعي، حيث بين أن فريقه يتقيد بإجراءات السلامة عبر المشي في ممرات آمنة في اتجاه المزارع والعمل على تطهيرها، وقد أثمرت جهوده تمكن بعض الأهالي من العودة من النزوح وإصلاح مزارعهم وقطف ثمارها بعد إعلان مسام خلوها التام من الألغام على إثر تطهيرها كلياً من العلب القاتلة.

كما يعتبر الماء مرفقاً حيوياً أيضا عملت الألغام على مصادرته من اليمنيين، حيث قال عبد الله ناجي، مدير فرع مؤسسة المياه والصرف الصحي في مديرية المخا: “الألغام أثرت على المرافق الحيوية في اليمن من مياه وغيرها ونفرت المستثمرين الذين عزفوا عن حفر الآبار وغيرها خوفاً من تواجد الآلغام، كما تعطلت مشاريع المياه وهذا الجانب له تأثير كبير على حياة الناس والزراعة عامة”.

وقد أضاف مفصلاً: “لولا مشروع مسام لتمكن العطش من عديد الأبرياء، فمسام انتشل مختلف المحافظات اليمنية من مستنقع الألغام عبر تطهير العديد من المناطق والمساهمة في عودة الحياة الآمنة والنابضة فيها، واسترجاع عدد من المرافق الحيوية بفضل هذه الجهود الإنسانية”.

مسام .. كفاح إنساني من أجل واقع اليمن وغده

كما يبذل مسام جهوداً كبيرة لتمكين العديد من اليمنيين من الإستفادة من الطاقة الكهربائية أيضا، كمرفق حيوي جداً حرمت الألغام العديد من الأبرياء منه، حيث قال سامي سعيد، قائد الفريق 26: “يعمل  فريقي حاليا على مسح منطقة سيتم إنشاء محطة كهربائية فيها تعمل بالطاقة الشمسية في مديرية الخوخة، وتقدر مساحتها بـ300 ألف متر مربع، ونحن ماضون في تحقيق هذه المهمة على أتم وجه، فمشروع مسام يولي أهمية خاصة للمشاريع الحيوية المرتبطة بمعيش الناس من أجل تطبيع الحياة وعودة التنمية لنشاطها، فهذا المشروع سيغذي بالكهرباء مديرية الخوخة وكذلك مديرية حيس والتي يقدر فيها عدد السكان بأكثر من 200 ألف نسمة”.

ولم يغفل مسام عن الجانب التعليمي الذي عانى كثيراً من انتهاكات صارخة سلطتها الألغام على هذا القطاع الحيوي، والذي يمثل أحد ركائز نهضة اليمن آنيا ومستقبليا، حيث بين عبد الخالق عطشان، السكرتير الصحفي لنقابة المعلمين اليمنيين أن الطاقم التعليمي والؤسسات التربوية والتعليمية والطلاب من أبناء اليمن الأبرياء، كنواة لمستقبل اليمن، باتوا في مرمى الألغام، فزراعة هذه العلب القاتلة هدفها الأساسي إخراج الحياة من طبيعتها عبر استهداف منظم وملغوم وفق خطوات خارجة عن المألوف، ليصل اليوم بسبب الألغام إلى أسوء مراحله.

كما قال الدكتور علي العباب، نائب وزير التربية والتعليم إن دخول الحوثيين للعاصمة صنعاء أدى إلى تدهور كبير في قطاع التعليم، حيث كانت هذه الجماعة مصرة على السيطرة على العملية التعليمية عبر أدلجة أفكار الطلاب وتلغيم المدارس والمؤسسات التربوية، فالألغام لا تزرع على الأرض فقط، ولكن أيضاً في عقول الطلاب عبر التلاعب بالمناهج التعليمية، بالإضافة إلى تدمير المدارس والجامعية عبر الألغام، حيث هنالك أكثر من 400 مدرسة معطلة عن دورها، في دلالة واضحة لسعي هذه الجماعة لتجهيل الشعب اليمني ونشر الأفكار الطائفية لزج بالطلاب في جبهات القتال.

وهو واقع يعمل مسام بكل طاقاته وخبراته ومعداته على تغييره على كل الصعد من خلال تحرير مناطق الزراعة من سطوة الألغام، وفك أسر مصار المياه من أطواق علب الموت المتفجرة، وكذلك إنقاذ المؤسسات التعليمية من جامعات ومدارس من الهجوم الشرس للألغام، وتوفير فضاءات آمنة للطلاب والطواقم الدريسية لتستمر العملية التعليمية في بذر بذور الأمل لليمن والعمل على قطف ثمار هذا الحصاد  المرتقب في المستقبل.

شارك المقال

واتس اب
لينكد إن
تويتر
الفيسبوك