الأخبار
من خلال شاشات التلفاز تطل علينا صور تصور لحظات من وجع الإنسان الناجم عن وحشية إنسان آخر، لتحفر في ضمائر البشر ممن حافظوا على بعض سمات الرحمة التي فقدتها الميليشيات الإنقلابية. صور تحرك الوجدان وتثير أشكالا مختلفة من المشاعر، إذ لا يمر يوم إلا وترتكب فيه الميليشيات في اليمن كارثة إنسانية ضد الشعب اليمني مواصلة بذلك خرقها لجميع القوانين والمعاهدات، لتتواصل معاناة اليمنيين وتزداد أوضاعهم الإنسانية سوءا.
وتشكل أسلحة الحوثيين خطرا داهما على أمن واستقرار المنطقة، خاصة الألغام التي تمثل عائقا حقيقيا يحول دون عودة السكان المستضعفين من النازحين واللاجئين ودون إعادة إعمار المناطق.
وتتعمد الميليشيا زراعة بذور حقدها المحرمة دوليا بشكل عشوائي، وكثيف في المناطق التي ترتبط بحياة المدنيين بصفة مباشرة، وهو ما يضاعف خسائر اليمنيين الذين يدفعون فاتورة باهضة لحرب عبثية، حيث حرموا من الولوج إلى مزارعهم واستصلاحها بالتالي قطعت عليهم أبواب الرزق ومنعوا من قوتهم عدا عن تسبب هذه الآفة في إعاقة وصول المساعدات الإنسانية والطبية الأمر الذي أدى إلى استفحال المجاعة وانتشار الأوبئة على نطاق واسع.
إن استخدام الحوثيين للألغام الأرضية حرم الناس من مصادر المياه والغذاء، مما أسهم في أزمة إنسانية في بلد مزقته الحرب، حيث صار يشهد أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم وإحدى أسوأ حالات تفشي الكوليرا في التاريخ الحديث.
مشروع الموت هذا قابله مشروع حياة زرع الأمل في نفوس اليمنيين وجعلهم يحلمون بغد أفضل وكأن لسان حالهم يقول: “ستنزع الألغام وستلفظها التربة وسيكون اليمن نظيف وآمن.. نعم سيطهر اليمن جغرافيا وبنية وقرارا وسلوكا”.
مشروع مسام نقطة الضوء التي أنارت طريق اليمنيين العاتم ورسم البسمة على شفاه الأطفال، وأعاد الحياة مجددا إلى الأرض التي سممت أديمها أيادي الشر.
أجل لقد تنفست الأرض من جديد وتزينت بالخضرة بعد أن تمكنت سواعد العاملين في مشروع مسام من اقتلاع البذور الخبيثة المطمورة في جوفها، وتعد منطقة قطابة بمديرية الخوخة خير دليل على الجهود المبذولة طيلة عام ونيف من العمل الدؤوب، حيث تمكن الفريق 26 مسام منذ بدأ عمله بالمشروع من نزع 2022 لغم وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة من 13 حقل ومنطقة ملغومة بداية من منطقة الموشي وصولا إلى منطقة الحيمة في مديرية الخوخة.
لقد ظلت منطقة قطابة تعاني الويلات بسبب كثافة الألغام التي زرعها الانقلابيون في كل مكان فيها، مما ضيق الخناق على السكان وكبل حركتهم، الأمر الذي جعل المنطقة تشهد موجة نزوح قسري، فبقيت الجدران مهجورة تبكي فراق أصحابها إلى أن وصلت الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام التي أزالت الألغام وأمنت المنطقة وبعثت الحياة في المكان من جديد.
تعد زراعة الألغام من الجرائم ضد الإنسانية طويلة الأمد، إذ يترتب عليها معاناة مستمرة تطال الأجيال المتعاقبة وتلحق بالأشخاص عاهات مستديمة، لذلك يحتاج اليمن إلى أعوام طويلة خاصة في ظل عدم وجود خرائط توضح أماكن وجودها، لذا وجب تكثيف المجهودات الداعمة لـ”مسام” لتخفيف وطأة المعاناة عن اليمنيين.