الأخبار
أضحت الألغام حربا مؤجلة تواجه اليمنيين، فالميليشيات الحوثية الانقلابية زرعت أعدادا كبيرة من الألغام تجاوز المليون لغم، خلفت وراءها عددا هاما من الضحايا. هذه الآفة قد لا تحتاج لوقت طويل لزراعتها لكنها في المقابل تستدعي مدة طويلة لنزعها.
لقد تسببت الألغام الحوثية في خسائر فادحة في صفوف المدنيين. وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد دعت إلى ضرورة التوقف عن استخدام هذا السلاح العشوائي لما يسببه من قتل وتشويه في صفوف المدنيين.
كما أوضحت أن ما لا يقل عن 3 أطفال يلقون مصرعهم كل يوم في اليمن نتيجة استعمال الألغام.
لقد جرت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران اليمن إلى اقتتال وحروب عبثية منذ منتصف العام 2014، حين هجرت أبناء منطقة دماج بصعدة بحجة فكرهم السلفي، مرورا بالسيطرة على محافظة عمران، ثم دخول صنعاء والانقلاب على السلطة أتبعتها باجتياح محافظات الوسط والجنوب قبل أن تنكسر بعد طردها من محافظات عدن ولحج وأبين وأجزاء كبيرة من مأرب وشبوة وتعز.
ويستمد هؤلاء الانقلابيون قوتهم من الدعم الإيراني، حيث منحها القدرة على تصنيع مئات الأشكال من الألغام محلية الصنع لمجسمات تتماهى مع الطبيعة وتماثل بعضها الصخور وحتى ألعاب الأطفال ومواد البناء. وتشكل في مجملها خطرا بالغا على المدنيين. وتعمل هذه الألغام بدواسات فردية وحرارية مرتجلة.
لقد حطمت هذه الجماعة جميع الأرقام القياسية في حرب الألغام حتى صارت واحدة من أمهر الجماعات الإرهابية في العالم في شن هجمات بالألغام والعبوات الناسفة. ويستخدم هؤلاء المتمردون الألغام كسلاح رئيسي أولا للانتقام من أبناء اليمن المعترضين على وجودها على أرضه، وثانيا لوقف تقدم القوات الحكومية. لذلك لا تفتأ تطمر بذور حقدها في كل مكان تحل به، مما جعل أخبار الانفجارات تتواتر بصفة مسترسلة ونزيف الأرواح والإصابات في ارتفاع مطرد.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فقد قتلت امرأة وأصيب زوجها جراء انفجار لغم أرضي زرعته جماعة الحوثي بمنطقة المعقر بمديرية ذباب غرب تعز خلال مرورهما من طريق فرعي مؤد إلى منزلهما. هذا وأصيب مدنيان بجروح حالة أحدهما خطيرة بانفجار لغم في مدينة المخا غرب تعز.
ويتواصل سقوط الضحايا من المدنيين نتيجة انفجار الألغام والعبوات الناسفة التي أغرقت بها هذه الجماعة الأراضي اليمنية حتى صارت اليمن تسبح فوق شبكة من الألغام مجهولة الموقع.
ولعل ياسين هو اسم من بين الأسماء التي بات يعج بها سجل ضحايا الألغام الحوثية في اليمن، فيكفي زيارة ممرات المستشفى في مدينة المخا الواقعة على مسافة غير بعيدة شمالي مضيق باب المندب الاستراتيجي، لترى عن كثب عدد الضحايا الأبرياء الذين نالت منهم الألغام الحوثية الغادرة، والتي تعمل قوى التحالف على رأسها السعودية والإمارات على التصدي لها بكاسحات الألغام وغيرها لإبطال مفعولها و نزعها وتفكيكها وإنقاذ أرواح الناس العزل من شرورها.
وكان نصيب الأسد من هذه التركة لمدن الساحل الغربي حيث حولتها لأكبر حقل مزروع بالألغام، وهو ما يمثل عائقا أمام عودة المهجرين والنازحين إلى قراهم.
وفي محاولة لتخفيف وطأة المأزق الذي يعيشه اليمنيون، يعمل مشروع مسام بنسق متواصل على نزع الأشواك التي غرزتها الجماعة الإرهابية في الجسم اليمني.
وقد تمكن فريق جمع القذائف 30 مسام من إتلاف 6324 لغما وقذيفة غير منفجرة في المخا بالساحل الغربي.
وكان المدير العام للمشروع السيد أسامة القصيبي قد صرح بأن هذه العملية تضمنت إتلاف 815 لغم مضاد للدبابات و815 صاعق ألغام م/د، و363 صاروخ عيار 105مم، 252 قذيفة هاون، 635 فيوز قذائف، و350 قنبلة منوعة كما تم إتلاف 1500 طلقة عيار 14 مم و1594 طلقة م/ط عيار 23مم.
وتعد هذه العملية الثامنة التي ينفذها مشروع مسام في الساحل الغربي، ليصل ما تم إتلافه حتى الآن من قبل الفرق العاملة هناك إلى 47094 لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة وغيرها من مخلفات الحرب.
ويعمل مسام في الساحل الغربي بـ16 فريق هندسي موزعين على مديريات ذباب، المخا، باب المندب، مديرية الدريهمي، موزع، الوازعية، مديرية الخوخه، حيس ويختل إضافة إلى مديرية كرش بمحافظة لحج.
رغم حجم كارثة الألغام على حاضر ومستقبل اليمن، فإن دور المنظمات الدولية لايزال خجولا في مواجهتها ومترددا في اتخاذ موقف وقرارات واضحة لردع المعتدي.