تطل تبة الحبيصنة من علو شاهق على مدينة تعز، وتحمل في طياتها قصة تحوّلها من موقع تابع لميليشيا الحوثي إلى بؤرة خطر تهدد حياة المدنيين، بعد أن قامت الميليشيا بزراعتها بكثافة بالألغام والعبوات الناسفة خلال سنوات طويلة.
ورغم تحرير التبة قبل أعوام، إلا أن إرث الألغام الذي خلّفته الميليشيا بقي حاضرًا، مسجلاً حوادث مأساوية طالت المدنيين ومواشيهم. ففي مارس 2016، فقد المواطن تمام منصور محمد عبده الفاتش قدمه اليمنى جراء انفجار لغم أرضي. وفي عام 2024، تجددت الانفجارات في محيط التبة، واستهدفت هذه المرة أغنام المواطنين، ما أثار ذعر السكان وجدد مناشداتهم بتطهير المنطقة.
استجابةً لهذه النداءات، بدأ الفريق 22 “مسام” مهمة تطهير ميدانية في تبة تُعد من أخطر المناطق الملوثة في محافظة تعز. وأوضح المهندس محمد الشرعبي، قائد الفريق، أن أهمية التبة تكمن في موقعها الاستراتيجي، فضلًا عن كونها متنفسًا حيويًا للأهالي، مما يجعل تأمينها أولوية قصوى.
ومنذ انطلاق المهمة، تمكن الفريق من تطهير نحو 5800 متر مربع من الأرض، وعثر على 4 ألغام مضادة للأفراد، بالإضافة إلى 85 قطعة من الذخائر غير المنفجرة والفيوزات والقذائف المتنوعة.
لكن الطريق نحو الأمان لم يكن سهلاً. إذ واجه الفريق تحديات كبيرة، أبرزها وعورة التضاريس، وبعد المنطقة عن الطرق المعبدة، ما اضطر أفراد الفريق للعمل في ظروف شاقة ولساعات طويلة. كما فاقمت الأمطار الموسمية من صعوبة المهمة، نظرًا لتشبع التربة بالمياه، وانتشار الشجيرات والشظايا في المكان، مما أعاق عملية الكشف.
ورغم كل تلك العوائق، يواصل الفريق مهمته الإنسانية بإصرار، في إطار مشروع “مسام” لنزع الألغام – اليمن، والهادف إلى تطهير الأراضي اليمنية من الألغام ومخلفاتها، وتوفير بيئة آمنة للمواطنين.
تبة الحبيصنة لم تُعلن بعد منطقة آمنة بالكامل، إلا أن جزءًا كبيرًا منها أصبح خاليًا من الخطر، والعمل مستمر لتأمين ما تبقى، خطوة بخطوة، حتى تتحول التبة من بؤرة تهديد إلى رمز للأمان.