الأخبار

قبل أن يجف حبر أي اتفاق، كانت الميليشيات الانقلابية تخرقه بكل صلف وتجبر. لقد عملت هذه الجماعة على خداع المجتمع الدولي، فكلما أتيحت لها فرصة الجلوس إلى طاولة المفاوضات والوصول إلى حل سلمي لرأب الصدع وإبعاد شبح الحرب عن اليمن إلا وأخلت ببنوده ليظهر جليا أن هذه الميليشيات ليست سوى عصابة لا تعترف إلا بالعنف والتخريب والقتل.
هذا النهج الإرهابي الحوثي مثل تهديدا لكل اتفاقيات السلام والمفاوضات السياسية حول اليمن، فقد كشفت الميليشيات الانقلابية عن وجهها صراحة الذي بين أنها لا تريد سلاما ولا استقرارا في اليمن، لذلك لا يمكن التحدث أو تصديق أي مزاعم لهذه الميليشيا بأنها تسعى للسلام ، وما الهجومات وخرق الاتفاقيات إلا ازدراء للجهود السياسية.
وتعد الألغام واحدة من أكثر حالات العدوان المدني دموية في التاريخ الحالي والذي أودى بحياة الآلاف من الأبرياء من المدنيين.
فبينما كان اليمن يرتجي الشفاء من ألغام صراعات النصف الأخير من القرن المنصرم، عاد اليمنيون ليدفعوا ضريبة الألغام مرة أخرى لكن بشكل أكثر حدة، حيث انتشرت على يد الحوثيين مئات الآلاف من الألغام المضادة للأفراد وللآليات بنسب متفاوتة في جميع المناطق التي شهدت مواجهات مباشرة ابتداء من عدن ومحيطها جنوبا وحتى صعدة والحدود مع السعودية أقصى الشمال مرورا بمحافظات لحج وتعز والحديدة ومأرب والبيضاء والضالع وأبين والجوف وحجة وغيرها من المحافظات المتضررة.
عديد المناطق تذرف الدموع بسبب هذه العلب المميتة، فكل مدينة أو قرية مرت الميليشيات منها كان لها حظ وافر من الألم.
لقد أمضت هذه الميليشيا على شهادات وفاة للمدنيين منذ أن شرعت في طمر بذور حقدها في المنازل والطرقات والأماكن العامة والمزارع، مما أدى إلى تهجير سكانها الذين سارعوا بالعودة إلى مناطقهم عقب انسحاب هؤلاء المارقين من أراضيهم، لتكون المفاجأة غير السارة في انتظارهم وتحتفل بقدومهم كأحسن ما يكون، حيث انفجرت عديد الألغام فيهم لتحصد أرواحا لم ترتكب أي ذنب سوى أنها حلمت بالعودة إلى منزلها أو مزرعتها.
وهو تماما ما حصل للمواطن خالد ناجي سعيد الذي هجر قسرا بعد أن استشهدت زوجته برصاص المسلحين الحوثيين، لكن أمل العودة إلى مزرعته لم يفارقه، ومع أول فرصة سارع بالعودة إليها ليكشر هذا العدو القاتل في وجه ابنه ويلحق به إعاقة رغم محاولة الأب إنقاذه، حيث توجه به إلى عدن ليتلقى العلاج لمدة 3 أشهر لكن دون جدوى، فقد عبثت الشظايا بساقيه وبترت له إصبع يده اليسرى.
وحسب ما صرح به خالد، فقد سلبت عبوة ناسفة في المزرعة ذاتها حياة ابن أخيه وابنا أخته وابن خاله لتكتوي هذه العائلة بفراق 4 أطفال دفعة واحدة. لكن بحلول الفرق الهندسية لمشروع مسام التي استطاعت تأمين المنطقة تمكن الأهالي من العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية ومزاولة أعمالهم الزراعية.
رغم السياسة العدوانية لهذه الجماعة الإرهابية، مازال مشروع مسام ينحت في الصخر لإنقاذ أرواح رهينة خطوة خاطئة أو خذلان الحظ. “هذه الجهود لم تتوقف إلى حين انتزاع آخر لغم في كل المحافظات اليمنية” هكذا قال المدير العام لمشروع مسام السيد أسامة القصيبي.
لقد أثبت مشروع مسام على مدى الأشهر الماضية إصراره على تحدي كل الصعاب لتطهير الأراضي اليمنية من الدنس الحوثي، فرغم خسارته لـ20 فردا من عامليه إلا أنه صار متمسكا أكثر بهدفه ويعمل بنسق أكبر لإبعاد شبح الموت عن اليمنيين الذين أذاقتهم الألغام شتى أنواع العذاب ومساعدتهم على التغلب على المآسي الإنسانية الناجمة عن هذه الآفة.