وديع أحمد

وديع أحمد.. يمني يكتب هزيمة من هزائم الألغام بإرادته الفذة|
خيارات صعبة وقاسية يعيشها اليمنيون في المناطق الموبوءة بشبح الألغام التي زرعتها الميليشيات، فمن لم يقتل بانفجاراتها عاش معاقا مبتور القدمين أو إحداهما على الأقل، وفي أحسن الأحوال ترك معظم السكان منازلهم وقراهم ومزارعهم التي كانت مصدر دخلهم الوحيد بحثا عن مكان آمن يعيشوا فيه ما شاء الله لهم، بعيدا عن الخوف بسبب فخاخ الموت المتفجر.
الزراعة والرعي، مرادفات للحياة في الريف اليمني، لكنها تحولت بفعل التفخيخ الغادر إلى مهن الموت الأشد فتكاً.
وفي مديريات الساحل تعد مهنة الصيد والزراعة وتربية المواشي والأغنام من أهم مصادر الدخل، وجميعها للأسف لم تسلم من يد التلغيم المشؤوم، وإذا خرج المزارع لمزرعته أو لراعي أغنامه، فإن استهدافه من قبل الألغام وارد جدا.
وقصة الشاب وديع أحمد، نموذج بسيط وشاهد حي على الجرائم التي خلفتها الألغام بحق المدنيين في اليمن، فضحايا الألغام في الغالب يعيشون في واقع مؤلم صحيا ونفسيا واجتماعيا وتجد الكثير منهم منكسرين وفاقدي الأمل، لكن الشباب وديع أحمد غير المعادلة وأثبت أن الإعاقة لا تقتل الأمل ولا تعني الاستسلام البتة.
فبيد مبتورة يعمل هذا الشاب في أحد المطاعم الشعبية بمدينة المخا غربي اليمن محاولا تحدي إعاقته والتغلب عليها، لتوفير لقمة عيش كريمة له ولأسرته.
وهنا يروي وديع لمكتب مسام الإعلامي أطوار قصته مع الألغام وما وتسببت له من معاناة نفسيه وجسديه والذي نجح في التغلب عليها، قائلا “تسببت الألغام المزروعة بكثافة في منطقة الكدهة بمديرية ذباب الساحلية في جرائم مروعة بحق السكان المحليين، حيث سقط بسببها العشرات من رعاة الأغنام والمزارعين والأطفال والنساء بين قتيل وجريح وحتى الحيوانات نالت جزءا كبيرا من جرائم الألغام”.
وعن تفاصيل إصابته يقول “خرجت أرعى غنمي في إحدى المراعي بمنطقة الكدهة غير مدرك بأن ضواحي منطقتي ومراعيها قد لوثت بالألغام وتترقب قدومي لتسلب حياتي أو تأخذ جزاء من جسدي، وهو م أحدث بالضبط، فقد خسرت يدي بانفجار صاعق وجدته في طريقي فبدافع الفضول قررت استكشاف هذا الجسم الغريب وبمجرد أن أخذته من الأرض انفجر بي وبترت بسببه يدي اليمنى فيما تناثرت الشظايا في باقي جسدي.
قصة هذا الشاب تعكس بشكل واضح وجلي مدى بعد المجتمع المحلي في مديريات الساحل الغربي عن ثقافة الألغام، فزراعة الأرض وتربية الأغنام والعمل في مجال الصيد هي ما يتقنه المواطنين هناك، حيث عاشوا طيلة حياتهم في أجواء سلام ومحبه وتآلف.
وهنا يؤكد هذا الشاب في ختام حديثه بأن زراعة الألغام في مديريات الساحل الغربي تعد من أكثر صنوف الاعتداءات المروعة التي تستهدف من خلالها الميليشيات حياة أكبر قدر ممكن من السكان بجملة من الجرائم الملغومة الوحشية التي تظل الأكثر بشاعة وفداحة من سلسلة جرائم الميليشيات.