“مَسَامٌ” سعودية و”جِلدٌ” يمني!

  • هذه ليست شهادة ولا إفادة. إنها، فقط، على سبيل التوطئة لشهادة، وبإزاء قصة شراكة مصيرية فريدة وفذّة تنكتب عملياً ويومياً -في يوميات اليمن- في صيغة [“مَسَامٍ” سعودية و”جِلدٍ” يمني.]

العالم البعيد، عن اليمن والذي يحدث في اليمن، وينخرط بشكل أو بآخر في طرف خيط من هوامش أو متون المسألة/ المعضلة اليمنية، وفي ظنه أنه يعرف اليمن، فإنه لا يزال، ورغم كل شيء، بعيداً عن التفاصيل المترامية لمأساة شاسعة انتسجت وتنتسج بخيوط مآسٍ ومعاناة ومشاكل وأزمات تشكل في مجملها ما بات العالم يسميها أكبر أزمة إنسانية في العالم.

أولئك القريبون من التفاصيل الداخلية ويعتملون مع الذي يعتمل يمنياً يوماً بيوم وساعة بساعة، يعرفون اليمن عن قُرب، ويعرفون ما لا يعرفه غيرهم، ويعرفون أن المأساة في اليمن أكبر وأعمق من أن تُقاس بالتعاطف أو تؤطرها العبارات والخطابات العاطفية أو يختصرها الكلام.

قلة هم أولئك الذين قاسموا اليمنيين أوجاعهم ومآسيهم وتعب يومياتهم النازفة. قلة، فقط، قاسموا اليمنيين حتى الموت والإصابات والإعاقات ودفعوا ضريبة من حياتهم ومن سلامتهم ومن أجسادهم. يعرف العاملون في فرق وطواقم مشروع مسام لتطهير اليمن من الألغام هذه النوعية الخاصة من التشارك والتضامن وتطبيب الجلد اليمني وما تحت الجلد، حد التعامل مع الموت والاحتكاك المباشر باحتمالاته وحساباته بصورة يومية وبفدائية مَنْ ينخرطون في الميدان والخدمة بجد وجهد ومثابرة وليس في همهم نقل أو توثيق وإشهار قصصهم ويومياتهم وتدوينها في تويتر وفيسبوك وانستغرام.

على مدى أربعة أعوام كنت قريباً أو مجاوراً ومواكباً ليوميات وأعمال فرق مسام في مساحات مترامية على امتداد مناطق وجهات وجبهات الساحل الغربي في اليمن. بالإضافة إلى ذلك أواكب وأحرّر أخبار المشروع في سائر المناطق والمحافظات اليمنية. وكنت شاهداً مباشراً أو عن قُرب على تضحيات قصوى بذلها خبراء نزع الألغام من كوادر مسام فيما يعملون على نزع وتفكيك الألغام والعبوات والمقذوفات التي خلّفتها وتركتها وزرعتها وراءها الحرب والمليشيات الحوثية. استشهد أو أصيب أبطال حقيقيون على جبهة الإنسانية. هؤلاء ليسوا مجرد أخبار أو عناوين عابرة لأخبار يطويها النسيان. إنّ التضحيات الجسيمة تقاس بها وإليها الأعمال والخدمات والتدخُلات الجسيمة والعظيمة خلال أيام وأشهر وسنوات الجرح اليمني المفتوح.

كُثُرٌ على جبهات وجهات الإعلام والسياسة والتواصل الاجتماعي والشاشات. وقليلون بل أقل على جبهة العمل والخدمة اليومية المباشرة في مكافحة الحرب ومخلفاتها وسمومها وزرعها المميت. الأبطال الحقيقيون ينتمون إلى رمزية وقيمة الشواهد التخليدية الوطنية والإنسانية للجندي المجهول.

الجنود المجهولون في الرواية اليمنية والإنسانية التي تنكتب على ثرى اليمن هم مِنْ هذه الفئة والنوعية باهظة القيمة وعظيمة الأثر وجليلة المآثر والتأثير العميق والإيجابي، بنكران ذات وليس في همهم امتيازات الصيت والهاشتاغات والتغريد والريتويت واللايكات. وأجزم، بثقة، أن مسام، المشروع ككل، والطواقم والأفراد، يأتون في الصدارة ويتقدمون الصفوف بجدارة وبتجرُّد.

وليس من قليل الذي يقال، بأن الدَّم والهمَّ السعودي امتزج بشقيقه اليمني في هذه السيرة التي لما تزل مفتوحة.

وللموضوع صلة.
بقلم: أمين الوائلي

ameenwaely@gmail.com