الأخبار

صورة قاتمة رسمها الانقلابيون لواقع اليمن من خلال الزج بهذا البلد في دوامة تلاعبت بمصيره. فبسببهم يعاني اليمنيون ويلات جمة من جوع ومرض وتشريد وتقتيل وبتر للأطراف، الأمر الذي جعل المجتمع يعيش حالة مزرية، حتى باتت آمال وطموحات الأطفال المستقبلية تتحطم وتتلاشى مع مرور الأيام، خصوصا أن منازلهم ومدارسهم تدمر وحياتهم مهددة بسبب الألغام المتناثرة على الأراضي اليمنية بصفة مكثفة.
وضع الطفولة في اليمن ازداد سوءا بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية، حيث أصبح الأطفال يعانون من سوء التغذية وفقر الدم والأمراض الخطيرة فضلا عن انقطاعهم عن الدراسة بعد أن تعرضت مدارسهم للدمار، لكن تبقى الألغام الخطر الأكبر الذي يهدد حياة الأطفال، إذ لم تقتصر زراعتها على المناطق العسكرية، بل طالت المناطق المدنية التي كان من المفترض أن تكون آمنة وبعيدة عن دائرة الصراع، لكن الميليشيات الحوثية جادت بسخاء على المناطق السكنية والمزارع والطرقات فزرعتها ألغاما ليكون المدنيون طريدتها اليومية خاصة وأن هؤلاء المتمردين يعتمدون طرق تمويه متعددة لتكون ثانية واحدة لحظة فارقة في حياة كل فرد يدعسها بقدمه لتنقلب على إثرها حياته رأساً على عقب.
ومع تصاعد وتيرة العنف الحوثي، بات لا ينقضي يوم واحد دون مقتل أو إصابة طفل. فالألغام الحوثية ألحقت جراحا جسدية ونفسية عميقة بأطفال اليمن.
ولعل قصة الطفل فرج تلخص الوضع المأساوي الذي تعيشه الطفولة هناك. فعلى أحد أسرة مستشفى بمأرب يقبع الصبي ذي 12 ربيعا، وعلى ملامحه علامات الألم والخوف بعد أن تعرض لانفجار لغم.
لم يكن يعلم أن خروجه مع جده وابن عمه ذات صباح باكر لتفقد الإبل سينتهي بهذه الطريقة المؤسفة، حيث كان آخر ما سمعه صوت الانفجار ليصحو بعد يوم كامل ويجد نفسه على سرير بمستشفى وقد خضع لأكثر من عملية ثبتت خلالها 7 مسامير في قدمه اليمنى و5 مسامير في قدمه اليسرى علاوة على عمليات جراحية لإصابات مختلفة في جسده، فيما أصيب ابن عمه بكسر في قدمه اليسرى.
“فبسبب ضغط الانفجار الذي كان مفاجئا طار جسديهما الصغيرين بعيدا عن المكان”، هذا ما صرح به والد فرج، مؤكدا على أن الألغام صارت تمثل خوفهم الدائم وأن مصير ابنه سيتكرر مع غيره بسبب الآفة التي طمرتها الميليشيات في جوف أرضهم عندما كانت مسيطرة على منطقتهم حتى أن بعضها جرفتها السيول القادمة من الوديان.
كما بين أن الحرب العبثية التي تشنها جماعة الحوثي حرمت ابنه من التعليم نتيجة نزوحهم قبل أعوام بعد أن اتخذ الانقلابيون من قريتهم في مديرية مدغل ساحة معركة أجبروا إثر ذلك على تركها والمكوث بمخيم نبط وسط الصحراء.
إن المتابع للشأن اليمني يلاحظ كم الجراح النفسية والجسدية الغائرة التي خلفتها الميليشيات الحوثية وخاصة ألغامها، فخلف الأرقام الصادرة بين الفينة والأخرى من طرف المنظمات هناك قصص مؤلمة وأحلام محطمة وحياة مسروقة حتى صارت حصيلة 5 سنوات من الانقلاب مرعبة وثقيلة.
هذه الأرقام كان من المفروض أن تصدم العالم وتضعه أمام حتمية التحرك واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال كل من سولت له نفسه التلاعب بأرواح الناس.