الأخبار
بين لغم وآخر قصة لمفكك ألغام لقي حتفه، أو طفل كان يلهو بقرب مصيدة الموت أو رجل متوجه للعمل في مزرعة فانتهى به المطاف ضحية للغم يحكي قصة انقلاب سافر على الشرعية قبل ست سنوات.
الحقيقة يا سادة أن الآلاف من الناس في هذه البقعة الجغرافية من العالم المسماة اليمن مازالوا يدفعون ثمن أطماع الحوثي في بلوغ الحكم الذي حصد مئات الأرواح ومازالت آثاره تطارد الأحياء.
فالأطراف الاصطناعية في أجساد الضحايا شاهد على حجم الجريمة التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية.، إذ صار اليمن أكثر بلد يعاني من الألغام في العالم، حيث لا تخلو أي مدينة أو محافظة وطأتها أقدام الجماعة من مخاطر الألغام. فهي تسعى بكل ما تحمله من مكر وخسة وحقد وإجرام إلى تأسيس واقع مغاير لما أراده الشعب اليمني يعزز سطوتها وإرهابها، وذلك من خلال طمس هوية اليمن وأجياله الصاعدة وتزوير التاريخ وهدم حضارته الممتدة لآلاف السنوات، عدا عن دفع المجتمع إلى حالة الانهيار والبؤس والمعاناة.
ولطالما مثلت الألغام العنصر الداعم لهذا المخطط الإجرامي، حيث زرعت أكثر من مليون لغم. ولك أن تتخيل كم من روح ستزهق وكم من الأفراد سيتعرضون إلى بتر أطرافهم، بهذه الطريقة تسعى الميليشيات إلى تفخيخ المستقبل اليمني، فإضافة إلى صناديق الموت التي مازالت ستظل رابضة في جوف الأرض سيتحول جزء من الشعب اليمني إلى أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يشكل عبء على المجتمع. إذ ستخلف هذه الآفة أجيالا من المشوهين أكثر اعتمادا على المساعدة وأكثر عزلة، هذا إضافة إلى أنها تجعل من زراعة الحقول وحصادها أمرا مستحيلا مما ينجم عنه أضرارا مادية مباشرة يزيد في تعقيد الوضع أكثر وتفاقم المأساة.
ورغم الجهود التي تبذلها الفرق النازعة للألغام وعلى رأسها فرق مشروع مسام والتي حققت نجاحا مثمرا، فإن التهديد من وراء هذه الألغام مازال قائما بسبب كثافتها وتعدد أشكالها وأنواعها وانتشارها على مساحات شاسعة في البلاد بطرق عشوائية ودون خرائط.
إن حجم الكارثة يجعل العامل في مشروع مسام يشعر أن حياته ليست أغلى ممن فقدها هنا، وأن واجبه الإنساني يحتم عليه إنقاذ الأرواح البريئة التي ترزح تحت رحمة خطوة خاطئة على لغم.
الرحلات اليومية لفرق مسام بين الألغام هي عبارة عن خيط رفيع بين الحياة والموت. رغم ذلك مازال المشروع متمسكا بانتشال هذا البلد من مستنقع المتفجرات الذي صنعته الأيادي الإجرامية. وقد تمكن منذ بداية عمله ولغاية الـ21 من أغسطس الجاري من نزع 180955 لغم وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة عدا عن تطهير أكثر من 13 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية خلال ذات الفترة. الأمر الذي يمثل رسالة أمل لليمنيين بأنه بمقدورهم التفاؤل بإشراقة يوم جديد يستعيدون فيه حياتهم الطبيعية ممن سرقها حتى وإن طالت الفترة لكنهم على الأقل لا يراوحون مكانهم.
تخوض فرق مسام معركتها بإصرار وشموخ وصبر وإيمان بالنصر على هذا العدو المستتر وعلى العصابة التي زرعته لأن إرادة الحياة ستنتصر على غريزة الموت.