مشروع “مسام” السعودي لم يتوقف يوماً واحداً منذ انطلاقته.. ونعتمد عليه كلياً بعد توقف دعم الأمم المتحدة
قال العميد ركن أمين العقيلي، مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في اليمن “YEMAC”، إن الألغام انتشرت انتشاراً واسعاً وكبيراً في اليمن منذ أن بدأت الميليشيات الحوثية التوسع والتمدد في محافظات الجمهورية، بداية من محافظة صعدة إلى عمران إلى صنعاء ومن ثم امتدت إلى تعز وعدن والبيضاء والضالع والحديدة وأبين والجوف وحجة، وحتى ذمار وإب وريمة.
وأضاف العقيلي في مقابلة مسجلة مع الفريق الإعلامي لمشروع “مسام”، أن الألغام الحوثية أدت إلى وقوع الكثير من الضحايا بين المدنيين، الذين كانوا هم الضحية الأولى في هذه الأزمة.
وقد بين العقيلي في هذه المقابلة أن هناك كارثة كبرى بسبب الألغام متعلقة بحرمان المدنيين والمزارعين من استصلاح أراضيهم التي يعتمدون عليهم، خاصة وأن الغالبية العظمى من أبناء اليمن يعتمد مصدر دخلهم على الزراعة وصيد الأسماك، مفيداً بأن البحار أيضاً لم تسلم من تلك الألغام التي نشرتها الميليشيات الحوثية.
معضلة عدد ضحايا الألغام
وفي السياق ذاته بين أمين العقيلي أن هناك إحصائية مسجلة ومثبتة، وثقت أكثر من 10 آلاف ضحية للألغام، مفيداً بأن العدد الحقيقي لمن أصيبوا بسبب هذه العلب المهلكة هو أكبر بكثير مما تم توثيقه، وأن هذا الرقم، هو فقط يشمل من تم التمكن من الوصول إليهم وتسجيلهم.
وقد قال العقيلي أيضاً: “قام البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام والمشروع السعودي “مسام” الذي لم يدخرا جهدا منذ أن انطلق عمله معنا على الأرض منذ منتصف العام 2018م إلى يومنا، بتسجيل ضحايا الألغام من المناطق التي استطعنا الوصول إليها”.
كما أضاف مفصلاً: “هناك جهات سجلت ضحايا كثيرة، لكن نحن نعتمد على مصادرنا الموثوقة، وأكرر أن عدد ضحايا الألغام أكبر من الأرقام المسجلة بكثير.. إذاً سببت الألغام كارثة إنسانية عظيمة للمدنيين وهم للأسف كانوا الضحية الكبرى في الشعب اليمني”.
استهداف المرافق الحيوية
وقال أمين العقيلي في سياق آخر إن الألغام أدت لحرمان المزارعين من مزارعهم، حيث لوثت الألغام كل المناطق التي وصلها الحوثيون، كما حرمت المدن والقرى من ممارسة التجارة بعد تفخيخ الشوارع والمحالات، كما أن الألغام وصلت مطار عدن ومطار الحديدة.
كما أوضح العقيلي أن الألغام زرعت أيضاً في المدارس والجامعات والمعاهد والطرقات وفي أماكن كثيرة، وللأسف فتكت بطالبي العلم الذين لا حول لهم ولا قوة، حيث تفننت الميليشيات الحوثية في عمليات التمويه والإخفاء وخداع المدنيين ودست لهم العبوات الناسفة التي فتكت فتكاً كبيراً بالمدنيين.
وقد أفاد أمين العقيلي قائلاً: “لقد قعطت الألغام الطرق الرئيسية التي تستخدم لجلب المؤن والمواد الغذائية وحتى عودة النازحين، ولولا المشروع السعودي “مسام” والبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام، اللذين كان لهما خطة طارئة اتجهت في أولوياتها إلى فتح الطرقات وإعادة النازحين الذين فقدوا منازلهم وأراضيهم، وتطهير الكثير من القرى والمدارس ومنازل المدنيين التي لوثت بمخلفات الحرب والألغام، ككان الوضع كارثيا إلى أبعد الحدود.
“UNDP” التابع للأمم المتحدة لم يكن شفافا معنا طيلة خطة الاستجابة الطارئة منذ العام 2016
وقال أمين العقيلي إن دعم الأمم المتحدة لنا محدوداً في هذا الجانب، لكن كان ذلك لا يخلو من عمليات إيقاف الدعم وقطع المستحقات بشكل غير مبرر وغير إنساني أو قانوني، على سبيل المثال “UNDP” التابع للأمم المتحدة للأسف قام بتخفيض الدعم الذي يصل إلينا منذ العام ونصف العام، بالرغم من أن الدعم منخفض في الأصل منذ بدايته حتى وصل بنا الحد في العام 2022م إلى خفض عدد الفرق التابعة للبرنامج الوطني، وقمنا بإيقاف عدد من الفرق التي تعمل في المسح والنزع والتطهير والتوعية بمخاطر الألغام بسبب انخفاض الدعم، حتى وصل الحال في النصف الأول من العام الحالي 2023 إلى إيقاف الدعم 50%، ومن شهر يوليو في العام الحالي تم إيقاف الدعم نهائياً مما اضطرنا إلى إيقاف المركز مع إداراته ما عدا من يعمل بالطوارئ بجهود بسيطة جداً.
وأضاف العقيلي”الوضع مع الأمم المتحدة حاليا أصبح مزرياً جداً، وللأسف إيقاف التمويل لم يكن مبرراً ولم نكن مقتنعين بما يقولوه لنا من انخفاض الدعم من المانحين، ولكن أعتقد أن هناك جوانب سياسية بعضها غير ظاهر لنا، ولكن هذا ما استشفيناه من خلال محادثتنا معهم، للأسف هناك ما يشبه عملية الابتزاز في هذا الجانب، لكن نحن سنستمر وسنظل نعمل فهي في الأول والأخير بلادنا وأهلنا وشعبنا ولا يمكن أن نتخلى عن مهمتنا الإنسانية في عملية النزع والتطهير، في المقابل نقدم شكرنا وتقديرنا للبرنامج السعودي “مسام” الذي لم يتوقف يوماً واحداً طيلة 5 سنوات منذ بدء العمل معهم بالشراكة الحقيقية، حتى أثناء انتشار وباء كورونا تأثرت جميع المرافق الحيوية والمدنية والعسكرية نتيجة الجائحة التي طالت العالم كله، ونحن جزء من العالم، ولكن المشروع السعودي اتخذ كافة التدابيرالوقائية ولم يتوقف يوماً واستمرت فرقه في العمل، واستطعنا أن نحقق إنجازات وننقذ حياة المدنيين، والتي هي الهدف الأسمى لدى مشروع “مسام”.
كما دعا العقيلي قائلاً: “نحن ندعو المجتمع الدولي والمنظمات والأشقاء في المقدمة وأهلنا في الدول العربية، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية إلى دعمنا في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد في جانب الأعمال المتعلقة بنزع الألغام كي لا يتوقف عمل الفرق التابعة للبرنامج الوطني لنزع الألغام البتة، لأن توقف فريق واحد أو عدة فرق معناه زيادة أعداد الضحايا، وعدم العمل في هذا الجانب يسبب لنا كارثة إنسانية أكبر بين المدنيين الذين هم الهدف الأسمى من أجل سلامتهم وأمنهم وعودة النازحين إلى المناطق التي أصبحت آمنة”.
كما أوضح أيضاً “مازلنا في عملية تباحث مع “UNDP” التابع للأمم المتحدة، لكن لم نر أي بصيص أمل وشفافية في هذا الجانب، وأنا أتحدث بخصوص دعمهم السابق لنا حيث لم يكن هناك أي شفافية معنا، لم تكن هناك شفافية في عملية الدعم، كيف صرف وكم تبقى منه والخطة للعام المقبل، على الرغم من أننا رفعنا خطة في هذا الجانب وتم اعتمادها في مركز جنيف أثناء المؤتمر، ولكن للأسف غابت الشفافية والدعم إلى وقت مجهول، ولا نستطيع تحديد متى عودتها وهل ستكون هناك شفافية أم سيظل الوضع كما هو سابقا، وفي المقابل نحن نقدر كل التقدير لكل المانحين الذين دعموا اليمن في هذا الجانب، لكن عتابنا يقتصر على جانب “UNDP” التابع للأمم المتحدة الذي لم يكن شفافاً معنا طيلة خطة الاستجابة الطارئة منذ العام 2016م وحتى يومنا هذا.
إكبار وتقدير
وقال أمين العقيلي أيضاً “نعتمد على المشروع السعودي “مسام” 100% في عملية الاستجابة الطارئة، ونحن نتلقى بلاغات طارئة من المواطنين سواء في البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام ومركز العمليات في “مسام” ، تفيد بظهور ألغام في مناطق جديدة لم تكن معروفة لدينا وسببت كوارث، وعلى الفور يتم تحريك الفرق في نفس اليوم إلى المناطق ذات الأولوية والتي أصبحت تمثل خطورة، وأصبحنا نعتمد حالياً بعد توقف مركزنا في البرنامج الوطني عن العمل ماعدا فرق الطوارئ التي تعمل بأبسط الجهود وبدون أي تأمين، على مشروع مسام كلياً في ظرفنا الحالي، ونقدم له وللمملكة العربية السعودية جهوده الرائعة ولا يسعنا إلا رفع عبارات الشكر والتقدير، فمسام موجود معنا على الأرض وجلب المدرِّبين والكوادر ذات المستوى العالي والأجهزة الحديثة مما يسهل علينا العمل على الأرض، وأثبت فعاليته في الميدان”.