الألغام في اليمن .. موت وخوف في كل مكان

الألغام في اليمن .. موت وخوف في كل مكان

لم تترك الألغام في اليمن موطئ قدم آمن للناس، فإنتشارها العشوائي وأعدادها الفلكية وتموريهاتها المبتكرة.. وصفة هلاك متعطشة للدم، مازالت تترك بصماتها القاتلة على أجساد ضحايها من الأبرياء.

وقد عاشت محافظة البيضاء وسط اليمن، مأساة حقيقية، تركت الألغام عليها توقيعها الدموي المعهود، حيث تسبب لغم حوثي في وفاة طفلين أثناء رعيهما للأغنام بالقرب من منزلهما في مديرية الزاهر.

وبناء على ما أفاد به مصدر محلي، فإن الطفلين فرحان عبده الحميقاني (7 سنوات)، وعلي عبد الرب البابكي (13 عاما)، قتلا بإنفجار لغم حوثي أثناء رعيهما أغنام في قرية المردم بمديرية الزاهر.

وقد أكد مدير الإعلام بمحافظة البيضاء، عارف المعمري، في تصريح خاص بمكتب مسام الإعلامي، أن جميع مناطق مديرية الزاهر تعاني من تلوث بالألغام والعبوات والمقذوفات الناتجة عن مخلفات الحرب، وهذا التلوث يتسبب في سقوط ضحايا بين المدنيين بشكل متكرر في الآونة الأخيرة.

وفي محافظة الحديدة، وقع انفجار لغم أرضي اليوم الثلاثاء في طريق فرعي بمديرية حيس، مما أدى إلى إصابة مواطنين بجروح متفاوتة وتضرر سيارتهما.

كما أكد مصدر محلي أن انفجار لغم مضاد للدروع، استهدف سيارة نقل، مما أدى إلى إصابة شخصين، في منطقة دار الكُبيش جنوب مديرية حيس، وقد تسبب الانفجار أيضًا في أضرار مادية كبيرة في السيارة التي كانت تقل بضائع لأهالي قرى ريف جنوب حيس.

كل ما يدب على الأرض مستهدف

وحدها الأرقام تكشف دون أي مجال للشك أن الألغام في اليمن لا تستثني أحداً ولا تدخر جهداً في إزهاق الأرواح، فقد رصد تقرير حقوقي مقتل 2818 مدنياً جراء الألغام، وإصابة 3655 آخرين خلال الفترة من الممتدة من أبريل 2014 وحتى مارس 2022.
وقد أكد التقرير الذي أصدرته عدد من المنظمات الحقوقية في اليمن، مقتل 534 طفلاً و177 إمراة و143 مسناً، بسبب الألغام التي زرعتها الميليشيات، بالإضافة إلى إصابة 854 طفلاً و255 امرأة و147 مسناً، خلال الفترة المحددة بالتقرير في 17 محافظة يمنية تصدرتها تعز.

وقد كشف التقرير الحقوقي الذي أعلن في مؤتمر صحفي بمحافظة مأرب تحت عنوان “الألغام.. كابوس يطارد اليمنيين”، عن 12069 انتهاكاً ارتكبتها الميليشيا بحق المدنيين والأعيان المدنية خلال الثمان السنوات الماضية وتضرر 5085 مبنا ما بين منشآت حكومية وممتلكات خاصة.
وقال المرصد اليمني للألغام، إن الألغام التي زرعتها الميليشيات في مناطق مختلفة من اليمن، تسببت بمقتل وإصابة المئات من المدنيين بينهم نساء وأطفال، خلال 15 شهراً.
ووفقا للمرصد الحقوقي فإن “اليمن يعاني من كارثة حقيقية جراء التلوث الواسع بالألغام والعبوات والقذائف غير المنفجرة من مخلفات الحرب”.
كما رصد المرصد اليمني الذي وثق خلال الفترة منذ بداية العام 2021، وحتى الرابع من أبريل 2022، مقتل وإصابة 363 مدنياً بينهم نساء وأطفال جراء الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة من مخلفات الحرب في مناطق واسعة من اليمن.

وقد أشار المرصد اليمني إلى مقتل 176 مدنياً منهم 25 طفلاً و9 نساء و6 من العاملين في مجال نزع الألغام، إضافة إلى سقوط 187 جريحاً مدنياً منهم 83 طفلاً و12 امرأة واثنين من العاملين في نزع الألغام، لتبرز هذه الألرقام بالكاشف مدى دموية هذه العلب المتفجرة وتعطشها لسفك الدماء وإزهاق الأرواح البريئة دون رحمة.

هلاك مدفون تحت الأرض

ويشار إلى أن مليشيات الحوثي قد تعمدت زرع آلاف الألغام ذات أشكال وأحجام مختلفة قبيل فرارها من المناطق التي تم تحريرها مؤخراً جنوب الحديدة وغرب تعز، بهدف قتل المزيد من الأبرياء، حيث تعد هذه الحادثة جزء من سلسلة جرائم الحوثيين التي يرتكبونها ضد اليمنيين.

وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها فرق مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام لتأمين القرى والتجمعات السكنية والطرقات الرئيسية والفرعية، بالإضافة إلى مزارع المواطنين ومناطق الرعي، إلا أن الزراعة العشوائية والمكثفة للألغام تحتم المزير من العمل المستمر والمكثف لهذه الفرق الإنسانية التابعة لهذا المشروع.

كما دعا مشروع مسام المواطنين في جميع المناطق الملوثة بالألغام إلى الالتزام بالتعليمات والإرشادات التوعوية، وعدم الدخول إلى أي مناطق لم يتم تأمينها بعد، مؤكداً بإن الالتزام الصارم بهذه التعليمات يسهم في الحد من خطر الألغام ويحمي حياة الأفراد.

وقد نوه مشروع مسام بأن تحقيق الأمان الكامل من الألغام يتطلب وقتاً وجهداً، ولكن بالتعاون ورفع سقف الوعي الجماعي ونشر ثقافة وقائية خاصة بالألغام والإلتزام بإرشادات الحملات التوعوية لهذا المشروع، يمكن تقليل الحوادث وحماية حياة المدنيين من هذا الخطر الرابض تحت الأرض والمموه بطرق غير مؤلوفة والمتعطش للدم.

شارك المقال

واتس اب
لينكد إن
تويتر
الفيسبوك