الأخبار
في اليمن يأمل رسامون بأن يحضوا بفرصة ليرسموا على جدران مدنهم واقعا أجمل لهذا الوطن الذي عبثت به الأيادي التي لا تحمل غير السواد. في هذا الوطن شعب يريد التغيير، شعب يريد التحرر من جبروت القوى الظلامية، شعب يبحث عن بصيص أمل ليجعل من الجحيم الذي يعيشونه جنة، شعب يريد أن يبني وطنا خال من الجماعات الإرهابية وقائم على مؤسسات وقوانين تضمن كرامة أفراد أبنائه.
لكن مازالت الميليشيات ترتع في أرجائه ساعية إلى تدمير كل شيء بشرا كان أو حجرا. فمنذ أن اجتاحت جحافل الحوثي صنعاء، طفى العنف على السطح ونسفوا حالة الوفاق التي كانت قائمة في البداية ورفضوا الإستماع إلى صوت العقل بل غيبوه تماما، لأنهم كانوا على عجلة من أمرهم لتطبيق أجندتهم المسرطنة، حتى أصبحت كل المدن بلون الدم خاصة في ظل عمل هذه الجماعة على زرع الألغام في كل شبر من الأراضي اليمنية.
الانقلاب الحوثي دمر كل شيء وذهب بالإستقرار والهدوء وجعل من اليمنيين كائنات هائمة على وجوهها تنتظر ما يخبئه لهم الغد. فقد استخدمت الميليشيات الحوثية الألغام الأرضية كسلاح لكبح جماح تقدم قوات الشرعية وكذلك للإنتقام من اليمنيين الذين اكتشفوا الوجه القبيح لهؤلاء الإنقلابيين ووقفوا صدا منيعا أمام تنفيذ مشروعهم التدميري.
وتزايد سقوط المدنيين في ظل تكالب الحوثيين على بذر عبوات الموت في كل مكان تطؤه أقدامهم، حتى باتت أصوات الإنفجارات التي تهز أركان القلوب قبل الأماكن أمرا عاديا لدى اليمنيين الذين يفقدون فلذات أكبادهم بصفة يومية لتحتضن تربة بلدهم أجسامهم الغضة التي لم تتمكن من تحمل قسوة أناس لا يرون هذا البلد إلا على هيئة غنيمة.
وقصة الطفل عبدوة علي سالم البالغ من العمر 14 عاما ليست استثناء، حيث لقي حتفه إثر انفجار لغم حوثي في الطريق المؤدية إلى منطقة المينا جنوبي مدينة الحديدة وذلك أثناء عودته من السوق إلى منزله.
وتواصل الألغام والعبوات الناسفة التي تزرعها ميليشيات الحوثي في الطرقات والأحياء السكنية حصد أرواح السكان الأبرياء معظمهم من الأطفال في مختلف مناطق محافظة الحديدة، رغم المحاولات المتواصلة من قبل الهيئات المسؤولة عن نزع الألغام لتأمين حياة الناس.
وقد أوضح الإعلام العسكري للقوات المشتركة في بيان أن فريق نزع الألغام في اللواء الثاني عمالقة عثر مؤخرا على حقل حوثي في حي منظر جنوب مدينة الحديدة يحتوي على 21 لغم و23 عبوة ناسفة مختلفة الأشكال والأحجام وقد تمكن من نزعها وتفكيكها، مضيفا أن الميليشيات زرعت ألغاما بالقرب من مطار الحديدة.
وبلغ ما تم تفكيكه خلال العامين الماضيين في مناطق الساحل الغربي ما يزيد على 70 ألف لغم وعبوة ناسفة وذلك وفق نص البيان.
وعلى مدار السنوات الماضية سقط المئات من المدنيين الأبرياء بينهم عشرات الأطفال والنساء والمسنين نتيجة انفجار الألغام والعبوات التي زرعتها الميليشيات الحوثية في الطرق والوديان، فضلا عن مئات الضحايا جراء القصف الهمجي للإنقلابيين على المناطق والقرى الآهلة بالسكان.
لقد شردت الألغام الأرضية آلاف المواطنين من منازلهم وأعاقت وصولهم إلى الطرق والمياه والأراضي الزراعية. ومازالت ستشكل تهديدا سيدوم لفترة أطول بكثير مما هو متوقع في ظل مواصلة الجماعة الإنقلابية زرع هذه العلب القاتلة.