مآسي شباب اليمن مع الألغام.. قصص تدمي القلوب

فؤاد

قصص عدة عنوانها الألم والعذاب والفراق والقهر، سطرتها الألغام في يوميات شباب اليمن وحفرتها في ذاكرتهم وقلوبهم، حيث هلك من هلك وهجر من هجر وسلب آخرون عافيتهم ومصادر أرزاقهم وحتى مقومات الحياة الأساسية، حتى هرموا قبل أوانهم.

قصة الشاب أحمد الأبرقي رشت الملح على الجراح المفتوحة لشباب اليمن بسبب جائحة الألغام التى عصفت بوطنهم وحياتهم إلى أبعد الحدود، فأحمد قد غادر اليمن قبل سنوات للعمل في السعودية، سعياً لتوفير حياة أفضل لعائلته، وعلى مدار فترة اغترابه، لم ينقطع حنينه إلى وطنه وعائلته، وظل يحلم باليوم الذي سيعود فيه إلى أهله ودياره.

مع قرب شهر رمضان، قرر أحمد أخيراً تحقيق حلمه بالعودة إلى اليمن، حزم أمتعته، واشترى الهدايا لأبنائه وأهله، وانطلق في رحلة العودة وكله أمل أن يقضي الشهر الكريم بين أحضان وطنه وفي كنف أسرته التي طال غيابه عنها.

لكن رحلة العودة تلك لم تكتمل بالنسبة للشاب أحمد الأبرقي، حيث توقفت تماما في الطريق الصحراوي شمال محافظة الجوف، وتحديداً في منطقة اليتمة، بعد إنفجار لغم أرضي هلك بسببه أحمد على الفور وأصيب أربعة أشخاص آخرين حالة أحدهم حرجة للغاية.

مأساة أحمد، فتحت دفاتر الوجع التي لطختها الألغام بدماء شباب اليمن، فالشابة أمل أحمد من سكان حي المطار بتعز، قد عانت أيضاً مصيراً مراً أيضاً بسبب علب الموت المتفجرة، فأمل شابة يمنية كانت بالأمس القريب تشع أملاً وسعادة، وترمز للحياة في أوجها،

وكانت تحلم باستكمال تعليمها الجامعي وهي بصدد التجهيز لعرسها أيضاً، وتتحرق شوقا لليوم الذي تدخل فيه مملكتها الجديدة مع شريك حياتها، لكن كل تلك الأحلام والآمال ذهبت أدراج الرياح حينما رأت أطفالا يلعبون بجسم غريب وتفطنت أنه لغم مموه فأرادت أن تنفذهم من شره، لكن اللغم انفجر وأطفأ عيني أمل للأبد. ومن يومها خسرت أمل كل أحلامها وتخلى عنها عريسها وباتت نديمة الوحدة والعجز.

وفي منطقة بير باشي بمديرية التعزية وهي من أكثر المناطق السكنية في محافظة تعز، خسر الشاب مبارك مقبل أحد أطرافه السفلية بقذيفة حوثية غيرت مسار حياته وحكمت عليه بالعيش معاقاً بعد أن أخذت حياة صديقه طفولته وتركته وحيداً عاجزاً مكسور الوجدان.

وبالأمس كانت الفتاة اليمنية سناء قاسم تسير مع صديقاتها في دروب الحياة، وتحلم بأن تقطف ثمار مثابرتها في الدراسة وأن تبلغ طموحها الذي لم تعد تراه بعيداً، لكن لم تكن سناء تدري أن طريق بلوغها لطموحها العلمي سيقطعه فجأة لغم غادر ويسودها في وجهها للأبد.

فبين الأمس واليوم، تغير كل شيء في حياة سناء، حيث تبخرت أحلامها وهوى طموحها رماداً أمام عينيها وتحول جسدها المشبع بالحياة إلى عبء ثقيل مسكون بالتشوهات بعد أن بتر لغم رجلها وفتك بالأخرى وشوهها ونال من يدهاواليوم تستند سناء لرجلها الاصطناعية للمشي بصعوبة والقيام ببعض الأعمال البسيطة في البيت، بعد أن بات العالم الخارجي لا يتسع لها ولأحلامها المسحوقة.

وأما الشاب فؤاد علي الذي تزوج حديثاً، الذي كان يحلم بتكوين أسرة والعمل والنجاح وكسب قوته من عرق جبينه، قد هوت أحلامه كلها اليوم بعد موعد مع صديق، كان آخر عهد فؤاد علي بحياته السابقة، حياته ما قبل اللغم الذي نال من أطرافه وأقعده باكراً.

ففؤاد كان على موعد مع صديق له ينوي زيارته، وفي الطريق فتك به لغم، وجعله اليوم يجلس في بيته محاطاً بأثقال العجز والخيبة ينتظر من يزوره ويتبادل معه أطراف الحديث ويطرد عنه ملل العجز الذي يطبق على صدره.
هذه القصص هي غيض من فيض مآسي شباب اليمن مع الألغام، التي تصر على الفتك بمستقبل اليمن بإهلاك هؤلاء الشباب الذين هم بناة الغد وأمل اليمن في أفق واعد ومصير مشرق بعيداً على مستنقعات الألغام القاتمة والمهلكة.

شارك المقال

واتس اب
لينكد إن
تويتر
الفيسبوك