عبد الله راشد عبد الله: لن تهزمنا الألغام مادام مسام في صفنا

WhatsApp Image 2023-06-16 at 09.56.26

قلب يسكنه الحزن والألم

وجهه المسكون بالحزن وعيناه المحمرتان وكأنهما لا تكفان عن ذرف الدموع ومحاولة الصبر وحبس العبرات، وصوته المختنق بقهر الظلم والتعب والعجز وكلماته المتراوحة بين السخط على صنيع الألغام حيناً والمتمسكة بالحمد أحياناً كثيرة على ما ألم به، وحاله وهو مقعد مبتور القدمين لا يقوى على الحركة، مشهد مغرق في الحزن يفطر الفؤاد ويحبس الكلمات ويكشف مقدار جبروت الألغام في اليمن ومقدار طغيانها وتعطشها للدم.

على هذه الحال، يتوجه العم عبدالله بعبارات مكلومة لمشروع مسام شاكياً مصابه بسبب الألغام قائلاً: “كنت ماراً بجنب إحدى المستشفيات وقلبي مثخن بالحزن على فقد زوجتي وابنتي بسبب الألغام، أحاول أن أتمسك بالصبر وأحمد الله على ما حل بأسرتي من قهر وعدوان، وما راعني إلا وقد اهتزت الأرض من تحت قدامي بسبب لغم غادر، فقدت رجلي اليمنى لحظتها وتأذت اليسرى جداً بشظايا الألغام واضطر الأطباء لاحقا لبترها”.

ثم يواصل العم عبدالله حديثه “لم نقترف أي ذنب حتى تصنع بنا كل هذا، تلك الألغام و زراعها الظالمون المعتدون على حدود الله والفاقدين للرحمة والإنسانية والدين، لقد آذونا أيما أذية ودمروا حياتنا وأسرنا وحتى مواشينا وبيتونا، وها نحن كما ترون على هذه الحال، فأنا لا أقدر على المشي البتة وألازم مكاني حتى أجد من ينشلني لأمضي لتدبر أبسط أموري اليومية.. لقد حطمونا و قهرونا وسرقوا راحة بالنا وأعاقوا حياتنا و لا نقول إلا الحمد الله على كل حال”.

عبد الله راشد عبد الله: لن تهزمنا الألغام مادام مسام في صفنا

عبارات القهر والغضب تخترق صدر هذا المسن المقعد وعيناه تحكي الكثير بخصوص مقدار الألم الذي عاشه وجسده الوهن اليوم بفعل صنيع الألغام به والشيخوخة، يكشف مدى تجرد زراع الألغام في اليمن من الإنسانية وخروجهم عن السليقة البشرية السليمة وتوحشهم وتوغلهم في متاهات الظلم والشر والعدوان ونقمتهم على الشعب اليمني البريء و المكتوي بطوفان الألغام الساحق.

صبر جميل

ورغم تكالب المظالم على عم عبدالله وقهر الإعاقة وعدوان الألغام عليه، يفترش الأرض محاطاً بأحفاده، يحتض هذا حيناً ويقبل ذاك أحياناً ويمرر يده على رأس تلك، وكأنه يستمد منهم القوة والرغبة في مواصلة الحياة، ويرسل لهم ابتسامات صغيرة مستأنسا بهم وكأنهم شمعات وضاءة في درب حزنه العميق و المظلم.

ولعل الجميل والملفت في حالة العم عبدالله، تميزه بلسان شاكر وقلب ذاكر لرب العالمين وقناعته الراسخة أنه في امتحان دنوي صعب للغاية، لكنه سيجنى ثمار صبره خيراً عند بارئه، حيث يقول في حديثه لمكتب مسام الإعلامي: “أحمد الله على هذه المحنة وأشكره أن ابتلاني في أهلي وصحتي وسأصبر لأني على يقين أنه من يحبه الله يبتليه وهذه المحن تحمل في باطنها رحمات لنا.. الحمد الله على كل حال، وإن شاء الله الفرج قادم مادام مسام يناضل من أجلنا، أسأل الله أن يبارك جهودهم وينصرهم ويسعدنا بنصرهم على آفة الألغام”.

جهود رائدة وإرشادات واعدة

يواصل مسام جهوده الواعدة في نزع واتلاف الألغام في اليمن، حيث أعلن مدير عام مشروع مسام الأستاذ أسامة القصيبي أن الفرق الميدانية نزعت منذ انطلاقة المشروع وحتى الآن 402.258 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.

وأضاف القصيبي أن الفرق نزعت منذ بداية المشروع 248.842 ذخيرة غير منفجرة و7806 عبوة ناسفة. وذكر مدير عام المشروع أن الفرق نزعت أيضاً حتى الآن 139.423 لغماً مضاداً للدبابات و6187 لغماً مضاداً للأفراد.

وقال القصيبي في بيان له إن الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام تمكنت حتى الآن من تطهير 47.011.090 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية كانت مفخخة بالألغام والذخائر والعبوات الناسفة.

من جهة ثانية، أشاد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بجهود مشروع “مسام” الإنساني لنزع الألغام في اليمن والتي زرعتها ميليشيات الحوثي بشكل عشوائي في المناطق التي سيطرت عليها.

 

وأشار البيان الصادر عن المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ156، والتي عقدت في مقر الأمانة العامة بالرياض، إلى دور مشروع الإنساني لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، حيث تمكن مشروع “مسام” منذ تدشينه في منتصف العام 2018، من نزع أكثر من 400 ألف لغم وذخيرة وعبوة ناسفة”.

وقد ساهم الصدى الطيب والنجاح الباهر لمشروع مسام في تحرير عدة مناطق يمنية من سطوة الألغام وإعادة الحياة لطبيعتها للكثير من المرافق الحيوية في اليمن، في كسب ثقة الشارع اليمني وتحصيل تعاون مثمر من قبل المدنيين مع هذا المشروع من خلال الإبلاغ عن أي جسم مشبوه أو حوادث، للجهات المعنية التي وضعها المشروع على أهبة الاستعداد للتعامل المهني والإنساني مع البلاغات العاجلة، مما ساهم في خفض عدد ضحايا الألغام ونشر الوعي أكثر بمخاطرها واكساب الشارع اليمني ثقافة وقائية تجاه علب الموت المتفجرة.

وقد اقترح العديد من البرلمانيين والحقوقيين في العالم العربي بتتويج مشروع مسام بجائزة نوبل للسلام لجهوده الرائدة الإنسانية في اليمن ونضاله النبيل من أجل تأمين حياة اليمنيين من خطر وقهر الألغام وإعادة السلام لهذا البلد بعد تخليصه من جائحة الألغام.

شارك المقال

واتس اب
لينكد إن
تويتر
الفيسبوك